بأقلام القراء

مؤمن أبو جامع يكتب: احتمالية الخيار العسكري مع قطر

الصباح العربي

فشل الوساطة الكويتية زاد الوضع تعقيدًا في الأزمة الخليجية، ما دعا الخارجية الأمريكية لطرح وساطة جديدة بقيادة الوزير تيلرسون، وكان قد صرّح تيلرسون سابقًا بأن ما تشهده العلاقات الدبلوماسية في الخليج هو تزايد لعوامل التوتر بالمنطقة، والتي أدت لاتخاذ البلاد قرارات لمعالجة تلك الاختلافات، في المقابل لن يذهب الأمير القطري لواشنطن لبحث الأزمة بعد أن دعاه الرئيس الأمريكي ترامب، ربما لاعتقاده بأنه لو ذهب فربما لن يعد.

ولم يكن الخبر الذي أوردته وكالة الأنباء البحرينية بشأن قطع العلاقات مع قطر، خبرًا عابرًا، لقد كان مفاجئًا ومباغتًا للجميع، وذلك بالنظر إلى اللهجة التي تحدّث بها البيان، كما تبدو هذه الخطوة كإذن هجوم متكامل تبنّته بعض الأطراف بشكلٍ ضمني على مدار سنوات، منها السعودية والبحرين والإمارات ومصر، كانت قطر ومازالت بالنسبة لهم أحد أهم الداعمين للجماعات المتطرفة في المنطقة.

عدة مؤشرات تشي باحتمالية وقوع تدخّل عسكري في قطر، ومع الوقت يتبين أن الشروط العشرة التي عرضتها السعودية لإنهاء الأزمة، كان ومازال من الصعب أن تقبل بها قطر، بعد أن توصّلت قطر لمرحلة تعتبر فيها نفسها من راسمي السياسات والمؤثرين في بعض أقطاب الصراع في المنطقة، وتعي قطر الآن أنها في ورطة، لكنها أيضًا ترفض الرجوع إلى مستوى قوة أقل مما هي عليه الآن، فقطر هي أكبر مصدّر للغاز المُسال في العالم، وفيها أكثر القنوات الإعلامية تأثيرا، واستطاعت أن تتربّع على مؤشرات عالمية، ولها مراكز نفوذ في بعض دول المنطقة، وتعتبر قطر أن الرضوخ لشروط الرياض يمكن أن يضر بمصالحها ونفوذها، إنه صراع النفوذ.

من المؤشرات التي تبيّن أن حربًا ربما تحدث، هو إرسال قوات من الجيش التركي بعد موافقة البرلمان في أنقرة على هذه الخطوة، ووصول مدرّبين ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني إلى قطر حسب تقارير إخبارية، وإرسال طهران لشحنات الغذاء كي لا يتضرر مستوى الأمن الغذائي في الدوحة، بالإضافة لتصريح وزير الدولة للشئون الخارجية القطري أن الدوحة ستصمد للنهاية، وتأتي فشل الوساطة المكوكية الكويتية كدليل على أن الوضع قد وصل لمنحدر خطير.

في الحقيقة، إن وصول قوات تركية لقطر يمكن أن يشكّل أكبر ذريعة للمربع الإماراتي المصري البحريني السعودي لاستخدام القوة. ووجود هذه القوة التركية إلى جانب قاعدة العيديد الأمريكية يفيد بأن القاعدة الأمريكية ستكون محايدة.

إن التهديدات التي أطلقها مسئولون إيرانيون تجاه الرياض، تبدو أكثر جدّية من أي تصريح سابق، ومن ضمنها ما قاله علي خامئني، المرشد الأعلى الإيراني: "إن هذه الهجمات لن تؤدي إلا لمضاعفة كراهية الشعوب للحكومات الأمريكية وعملائها الإقليميين كالسعودية"، وكان ذلك أثناء تشييع جثامين ضحايا الهجومين اللذين استهدفا البرلمان الإيراني ومرقد الخميني.

في ذات الوقت هناك تعاطٍ أمريكي متذبذب حيال الأزمة الخليجية، فلقد صرّحت سفيرة أمريكا في قطر بأن الأخيرة شريك مهم ويُعتمد عليه وهي بذلك تخالف رئيسها في آخر تصريحِ له والذي يُخالف قبل آخر تصريحٍ له، وسبق وأن صرّح البنتاجون ما يُناقض ما قاله ترامب، حيث جاء على لسانه أنه ممتن لتعاون القطريين في الحرب على داعش، كما جاء رد من البيت الأبيض على تصريحات لترامب، قال فيها: "لم يدرك ترامب أن هناك قوات أمريكية في قطر"، ويبدو أن الخارجية الأمريكية والبنتاجون شرحوا للرئيس ترامب السياسة الخارجية مجددًا.

هناك تطورات متسارعة حدثت في الساعات الماضية، منها تصريحات وزير الشئون الخارجية الإماراتي (أنور قرقاش) قال فيها إن تحركات قطر باتت مربكة ومرتبكة، بالإضافة لتصريح وزير الدولة الإماراتي بأن الكيل قد طفح.

في ضوء ذلك من الممكن أن يحدث التدخل العسكري، والذي تتلهّف له أطراف إقليمية، بعضها ينوي تغيير النظام والسياسة القطرية الخارجية، لكن الأمر كذلك متوقف على طبيعة الوساطة الأمريكية التي تعرضها واشنطن حاليًا.

مؤمن أبو جامع احتمالية الخيار العسكري قطر