بأقلام القراء

أحمد رشدي ناصف يكتب : لماذا ”الشمول المالي” الآن ؟

الصباح العربي

انعقد منذ ايام قليلة مؤتمر "الشمول المالى، بمدينة شرم الشيخ، والذى نظمه التحالف الدولى للشمول المالى (‎ (Global Policy Forum بالتعاون مع البنك المركزى المصرى بحضور أكثر من 800 مشارك من نحو 95 دولة، لمناقشة أحدث سياسات الشمول المالى وأنشطته على مستوى العالم،ويعد مفهوم "الشمول المالى" من أهم المفاهيم المرتبطة بتحقيق النمو الاقتصادى للدول، وذلك باتجاه البنوك بمختلف أنحاء العالم للوصول إلى الشرائح المجتمعية التى لا يوجد لها تعاملات بنكية، خاصة الشرائح منخفضة الدخل، عن طريق تقديم خدمات بنكية تتناسب مع احتياجاتهم.

فمفهوم "الشمول المالى" : هو إتاحة فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، عن طريق توفير خدمات مالية مختلفة من خلال القنوات الشرعية (المصارف والبنوك)، بأسعار مناسبة للجميع ويكون سهل الحصول عليها، بما يضمن عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التى لا تخضع لأية رقابة وإشراف، والتى من الممكن أن تعرضهم لحالات نصب أو تفرض عليهم رسوما مبالغا فيها.

حيث تعد البنوك المركزية للدول هى الداعم الرئيسى لتطبيق مبدأ "الشمول المالى"، عن طريق وضع قواعد وتشريعات لتيسير إجراءات المعاملات المصرفية بكافة أشكالها، والموافقة على إتاحة خدمات مالية مبسطة مثل استخدام الهاتف المحمول فى عمليات الدفع الإلكترونية. 

وتتجه اغلب الاقتصاديات العالمية الان الي استخدام التكنولوجيا الحديثة في العمليات المالية والدفع الالكتروني فعلي سبيل المثال تشير الإحصاءات الى قيام الهند فى الآونة الأخيرة بإلغاء 86% من اوراقها النقدية كما تعتزم كوريا الجنوبية وقف سك العملة المعدنية بحلول عام 2020 كما قفز عدد مستخدمى وسائل الدفع الاليكترونى بدلا من النقدى إلى نحو 65% من مستخدمى الانترنت البالغين فى الصين وفى هولندا زاد عدد المعاملات بالطاقات الائتمانية عن النقد المصدر.

كل هذه الامثله وغيرها لم تتم الا بجذب اغلب افراد و مؤسسات الدولة الرسمية و الخاصة للتعاملات المصرفية لتحقيق مبدأ الشمول المالي و استخدام النقود الاكترونية و التعاملات المالية عن بعد.

وفيما يتعلق بمصر فمن الجدير بالذكر أن العادات السائدة لدى معظم الأفراد فى المجتمع مازالت بعيدة تماما عن مفهوم التعامل المصرفى فى كل الأمور وللأسف فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على الشرائح الدنيا، كما يتصور البعض، ولكنها تمتد لتشمل كل شرائح المجتمع والأهم من ذلك أنها تشمل أيضا العديد من المؤسسات العاملة فى الاقتصاد.

وقد أدت هذه المسألة الى العديد من الظواهر السلبية منها عدم القدرة على التشخيص الدقيق والسليم للظواهر الاقتصادية ومعرفة الآليات التى تحكم سلوك وتحركات الاقتصاد، وبالتالى إظهار النشاط الاقتصادى على غير حقيقته وصعوبة وضع الحسابات القومية للبلاد. كما تؤدى هذه العملية إلى فقدان السلطات النقدية قدرتها على استخدام الأدوات النقدية لتحقيق الأهداف المنوطة من الخطط التنموية فضلا عن انتشار الفساد واتساع نطاق التهرب الضريبى وغيرهم.

يعتبر الشمول المالي سبب رئيسي للنمو الاقتصادي للدولة والاستقرار المالي لان الحاله الاقتصادية للدولة لم تتحسن مع وجود عدد كبير من الأفراد والمؤسسات مستبعدين ماليا من القطاع المالي الرسمي، وايضا الشمول المالي بيضمن ان المؤسسات المالية ان تعمل علي تطوير منتجاتها، ويضمن ايضا خلق حاله من التنافس بين المؤسسات المصرفيه لتقدم منتجات ماليـة أرخص وأسهل وتراعي مصلحة المستهلك.

اذن الشمول المالي بيهتم بشرائح كتيرة في المجتمع، خصوصا الشرائح المهمشة التي لم تجد منتجات مالية رسمية تناسب احتياجاتها مثلا الفقراء ومحدودي الدخل، خاصة المرأة وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والأطفال والشباب وغيرهم، فالشمول المالي بيضمن لكل هذه الفئات توفير منتجات مالية مناسبة لاحتياجاتهم وظروفهم، هذا سيؤديالي لارتفاع مستوي المعيشة، وبالتالي خفض معدلات الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي للأفراد والدولة.

وخلاصه القول ان الشمول المالي هدفه جذب فئات جديده للتعامل مع البنوك و جذب صغار المدخرين مما سيؤدي بدوره الي تعبئه للموارد الماليه للدوله و توفير سيوله كبيره جدا في البنوك وتوجيهها نحو الاستثمارات بدل عملية الاكتناز السلبي التي يلجأ لها بعض الافراد لاموالهم والتي لم يتستفيد بها سواء المكتنز او الدولة , و ايضا ينشط الشمول المالي من حركه التعاملات النقديه الالكترونيه مما سيوفر كثيرا جدا من التكاليف و يضع امام الحكومة خيارات كثيرة لاستغلال هذه الاموال وسهولة التحكم في السيولة النقدية للسوق من خلال السياسات النقدية وتحقيق اهدافها.

أحمد رشدي ناصف يكتب لماذا "الشمول المالي" الآن ؟