مجدي الشيمي يكتب: التقارب القطري الإيراني «الدواء فيه سم قاتل»
الصباح العربيتهتم إيران أساسًا بتكوين علاقات بدول شرق أفريقيا، وبخاصة الدول الموجودة في القرن الإفريقي على طول ساحل البحر الأحمر وخصوصًا السودان، تنظر إيران لشرق إفريقيا بوصفه تربة خصبة لنشاطاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، شـرق إفريقيا جزء من الإستراتيجية الشاملة لإيران الذي يخضع لسيطرة قوى رئيسة ونفوذها في الشرق الأوسط ، وما يؤكد ذلك أيضًا استخدام قطر للمجال الجوي في الصومال في ظل المقاطعة الخليجية لقطر وفرض عقوبات عليها، وكذلك التقارب القطري السوداني في ظل حكومة البشير وتمويل الحركات الإرهابية في مصر وليبيا، فكل هذه الظواهر تستند في جوهرها على العلاقات الإيرانية المشبوهة في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.
في الواقع؛ فإن إستراتيجية إيران في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي والدول المجاورة والتي تقع على البحر الأحمر؛ تسعى إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1. ترسيخ نفوذها السياسي كجزء من المحور المعادي للغرب الذي تسعى إلى إنشائه في دول العالم الثالث، فهي تحاول أن تنمو تقلل من النفوذ الغربي – وخاصة الأمريكي.
2. تحقيق مصالحها الاقتصادية في ضوء العقوبات التي تضر إيران في القارات الأخرى.
3. تصدير الثورة الإسلامية من خلال المؤسسات الإيرانية أو المراكز الثقافية التي تنشر الفكر الشيعي، وتعزيز نفوذها من خلال نشر جهودها في البلاد الإسلامية والمجتمعات الإسلامية التي تعيش في شرق إفريقيا.
4. تأسيس وجود إيراني مادي على الأرض وفي البحر، في البلدان والموانئ التي قد تهدد ممرات البحر الحيوية خلال الأزمات، وبخاصةً عند مدخل البحر الأحمر.
5. صنع ممرات بحرية وبرية تقود إلى الميادين التنافسية ذات طابع المواجهة لإيران في الشرق الأوسط، والتي قد تستخدم لتهريب الأسلحة والعمليات الإرهابية، والدولة المهمة لإيران هي السودان خصوصًا، والتي قد تستخدم كوسيط لنقل المعدات العسكرية خلال مصر إلى حركة حماس في غزة .
تعتبر الأدوات المهمة لإيران لتحقيق التأثير السياسي هو توسيع العلاقات الاقتصادية ودبلوماسية النفط، حيث تحاول إيران عمل علاقات اقتصادية بشرق إفريقيا (وإفريقيا عمومًا)، وتعرض مشاريع متنوعة في مجالي الزراعة والطاقة؛ وبناء السدود والطرق والإسكان ... إلخ.
فالبحر عنصر مهم في سياسة إيران؛ فمن ناحية المدخل الجنوبي للبحر الأحمر - المهم من الناحية الاستراتيجية لإيران - تسعى لتقوية علاقاتها البحرية باليمن، ففي يونيو 2009م عقدت اتفاقية تسمح للأساطيل الإيرانية أن ترسو في ميناء عدن كجزء من مهمة إيران في محاربة القراصنة الصوماليين، ومن المتوقع أن تنضم للبوارج الحربية السـت الإيرانية المستقرة في المياه الصومالية لحماية السفن التجارية الإيرانية.
وتجتهد طهران أيضًا في تقوية علاقاتها بالدول الإفريقية التي تطل على البحر الأحمر، من بينها السودان وإريتريا وجيبوتي لتعينها على تأسيس وجود بحري فعَّال في البحر الأحمر يقود لخليج إيلات ، وقناة السويس.
لم يعد سرًا في أن ثمة دولًا تسعى للعب دور إقليمي في المنطقة، وكل منها تستند على عوامل عدة ويأتي في مقدمتها تركيا، إيران وإسرائيل.
والهدف من القيام بهذا الدور وفق رؤية تلك الدول هو تحقيق حيز أكبر من النفوذ الاقليمي ومزيد من التأثير والمكانة الدولية لدعم مصالحها.
ولعل المتابع لما يجري في المنطقة يلحظ أن ثمة تداعيات طفت على السطح، لعل أهمها بروز الطرح الطائفي بالمنطقة، ومخاطر الانقسام والصراع ما بين السنة والشيعة، فضلًا عن ظهور المد الإيراني المؤثر في ملفات المنطقة، والتقارب القطري الايراني في منطقة الخليج ومحاولات تأجيج الصراعات في المنطقة، ودعم الحركات الارهابية سواء بالسلاح أو المال.
فالوضع الإقليمي يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية والفكرية والثقافية، ولذلك لم تعد التحالفات العربية التقليدية ذات جدوى لاسيما في صعود إيراني مقلق، ما يعني ضرورة اتفاق العرب في ما بينهم على حزمة المصالح ونوعية التهديدات.
الحقيقة أن هنالك انطباعًا عامًا تبلور لدى الكثيرين يصور إيران بوصفها خطرًا جديًا على الأمن الإقليمي والدولي، وقد أسهم في ذلك برنامجها النووي، وتصريحات مسؤوليها غير اللائقة تجاه دول الجوار، ناهيك عن تدخلاتها السافرة في شؤون دول المنطقة مع أن أكثر المستفيدين من السياسة الأمريكية وأخطائها من أفغانستان إلى العراق إلي سوريا هي ايران.
على أي حال يكفي ان نراقب الحضور الإيراني في أفريقيا لتفهم البعد الاستراتيجي للسياسة الإيرانية التي تهدف بالطبع الى كسب تأييد الدول الأفريقية لمواقفها السياسية، خاصة وقد شهدت العلاقات الإيرانية - الأفريقية نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة ما يعني امتلاكها لأدوات تمكنها من المساومة فى مواجهة الضغوط الدولية، مقابل تراجع واضح للدور السياسي العربي في أفريقيا، وهو ما كشف عن خلل استراتيجي بدا ملموسًا على الأصعدة السياسية والاقتصادية والدينية اي ضعف الحضور السني مقابل الشيعي، بل إن طهران باتت تستفيد من ممارسات وسلوكيات الجماعات المتشددة في مصر ومالي ونيجيريا والمرفوضة شعبيًا من أجل تسويق الفكر الشيعي.
هذا الغياب العربي دفع بقوى اقليمية كإيران لملء هذا الفراغ والاستفادة منه أيما استفادة بدليل أنه في عام 2009 على سبيل المثال قام كبار المسؤولين الإيرانيين بنحو عشرين زيارة لأفريقيا وبالتالي لا وجه للمقارنة هنا مع زيارات العرب النادرة.
ومما يدلل على اهتمام الإيرانيين ايضًا استضافتهم لمنتدى التقارب الفكري بين إيران وأفريقيا في طهران، بمشاركة ممثلين لأكثر من 30 دولة إفريقية من بينهم رؤساء دول ووزراء خارجية وغيرهم من النخب الأكاديمية والاقتصادية والعلمية لتدعيم التعاون ما بين الطرفين.
علي الرغم من الوجود الإيراني في شرق أفريقيا إلا أنه مازالت بعض الدول الافريقية تنظر إليها بوصفها عدوًا لها كما في الحالة الجانبية عندما قطع الرئيس الجامبي العلاقات الدبلوماسية مع إيران بسبب تصرفات ادارة المراسم في أثناء زيارة الرئيس الجامبي لطهران، وهذه القطيعة السريعة جعلت بعض الدول الإفريقية تعيد النظر في علاقاتها مع إيران، وان كانت ايران تجد دعمًا سواء من بعض القوى الغربية وخاصة فرنسا أو دعمًا محليًا من خلال شراء الذمم ونشر المذهب الرافضي كما في الحالة في كل من نيجيريا وتنزانيا وكينيا.
في النهاية يمكن القول: يجب على الدول العربية أن تعي للسم القاتل والشيطان الأكبر في المنطقة " إيران" مع ضرورة تصحيح مسار أمارة قطر والتي ابتلعت السم القاتل، وتم استخدامها لتقطيع أوصال المنطقة ونشر الصراعات الطائفية وتمويل الجماعات الارهابية في كل مكان أقولها للكل احذروا الدواء فيه سم قاتل.