كوعب أحمد البراهمي تكتب: أسباب الطلاق
الصباح العربيمن أهم أسباب الطلاق التي رأيت حالاتها سواء عن طريق العمل أو عن طريق المعرفة الشخصية ببعض الناس، أو عن طريق الحكايا التي تدور في المجالس، هو تدخل الأهل.
طبعا عندما أقول ذلك فليس المقصود أن كل المشاكل كذلك.. ولكن أذكر سببا من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الطلاق في محاولة لعلاج تلك الظاهرة التي تفشت في المجتمعات العربية جميعها وليس المجتمع المصري فحسب.
قديما كانت الحماة وهي أم الزوجة هي السبب في كثير من الطلاق بالنصائح الغريبة التي كانت تملأ بها أذن بنتها وحياتها.. حاليا أكثر الحالات هي تدخل أم الزوج.. أو فرضها الوصاية على الابن وزوجته.. واستغلالها طاعة الابن لها وحبه.. وعدم رغبته في ارتكاب ذنب لأنه أغضبها.
رأيت كثير من تلك الحالات وخاصة إذا كان الابن يقيم على مقربة منها أو معها في نفس العقار.. فهي لا تحب أن يكون له وزوجته أسرة مستقلة.. تريد أن تكون الأسرة تابعة لتكبر أسرتها هي.
وذلك ليس سيئا إنما السوء في أنها تريد ذلك بشروطها ووفقا لما تراه.. وتحاول الزوجة الصغيرة أن تصنع لنفسها أسرة مستقلة.. فلا تستطيع وتكون النتيجة كثير من المشاكل ثم الخروج من المنزل ثم طلب الطلاق أو الخلع.. وذلك لا يقيده ولا يمنعه وجود أولاد.. فقد كثرت حالات الطلاق بالرغم من وجود أولاد.. وبالرغم أن الزواج يكون في بدايته وربما لم يمر عليه عاما واحدا.. ولا بالرغم من أن الأهل يكونون تكبدوا مصاريف هائلة في تجهيز المنزل وفي الاحتفال بالفرح.
فلما ذلك، لماذا لا تريد الأم أن تقتنع بأن أبنها تعدى سن الرشد وله الحق في الحياة كما يريد، وليس لها عليه سوى أن يعاملها بالحسنى ويلبي طلباتها إذا أرادت شراء شيء أو الذهاب لمكان أو مرافقتها في المشوار الضروري، وذلك لأنني سمعت يوما أن أم الزوج كانت تأخذ أبنها لكل الزيارات للأقارب تاركة زوجته بمفردها في المنزل، وكانت كل يوم تقترح زيارة لمنزل من منازل العائلة، ربما فقط من أجل أن تضايق زوجته.
طبعا ليس ذلك السبب بمفرده هو الباعث على الانفصال فيوجد كثير من الأسباب منها أيضا ربما رغبة الزوجة في الذهاب الدائم عند أهلها أو أن تقص عليهم ما يحدث في منزلها ومنزل أهل زوجها، وذلك يتنافي تماما مع الأخلاق ومع المبادئ والدين.. فلكل بيت خصوصيته ولا يجوز أن تخرج أسرار بيت لبيت آخر.
يوجد أسباب عدة للطلاق.. وأنا أقترح كما ذكرت سابقا عندما كنت في ندوة لمناقشة تأخر الزواج وأسباب الطلاق وهذا المقترح ربما فيه حلا لتقليل حالات الطلاق.. وهو عمل ندوات لكل المخطوبين ومناقشتهم فيما هم مقبلين عليه ومعرفة مدى تمسك كل منهم بالآخر.
ومعرفة ظروفهم المستقبلية، ومنها.. أين سيقيمون؟ وما مستوى الدخل؟ وما مدى مساندة الأهل أو عدم مساندتهم؟ وأن تقدم النصح والمشورة بعدم إتمام الزواج إذا وجدت أنه يبشر بعدم التوافق والخلاف الدائم.. لأن الانفصال بعد الخطوبة أفضل مليون مرة من الانفصال بعد الزواج وهدم المنزل.
وأقترح أن يتم كذلك عمل لجنة من جهة مسئولة ومن الممكن أن يكون أعضاؤها بالتطوع وليس بالعمل الإجباري تكون تابعة للمجلس القومي للمرأة أو للشئون الاجتماعية، وتكون مهمتها التوصل لحل المشكلة في بدايتها وتقديم النصح والإرشاد ومقابلة أطراف المشكلة.
وليس معنى ذلك أن يكون عملها مثل مكتب تسوية المنازعات أي بعد تفاقم المشكلة، لا بل يكون عملها في بداية الشعور بالمشكلة والقلق من أي من الأطراف، ويكون عليها التواصل والاتصال مع كافة الأطراف.
وختاما وليس آخرا أجمل النصح العمل بالحديث الشريف "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" صدق رسول الله صل الله عليه وسلم.
لأن أسوأ ما يتعرض له المجتمعات العربية بل والإسلامية التدخل في شئون الأبناء ومحاولة فرض الوصاية الدائمة عليهم.. وكذلك تدخل البعض في شئون الغير والحديث معهم وعنهم وبذلك تكبر المشاكل وتزداد.. وربما يستعصي الحل.
فكم من المشاكل تم حلها عندما لم يتحدث أهلها عنها مع المحيطين بهم من الأهل والأقارب والمقصود بهم أولئك الذين يزيدون المشاكل، أما ذوي العقل الراجح أو النوايا الحسنة.. فمن الممكن الاستعانة بهم حتى ولو لم يكونوا من المقربين.
لابد من معالجة الأسباب التي جعلت من الطلاق ظاهرة تهدد الاستقرار الأسري وتهدد تقدم المجتمع، لأن الاستقرار النفسي هو أساس بناء المجتمع القوي.