محمد ميزار يكتب: قضايا التلبس والاستيقاف ما بين صدق الواقع وكذب الرواية
الصباح العربيهذا هو واقع الحال لا يتغير ومنذ نعومة أظفارنا بالمحاماه تلك المهنة العريقة نطالع محاضر جمع الاستدلالات ومحاضر الضبط في قضايا التلبس، حيث يستهل مأمور الضبط محضره..
اليوم وأثناء مرورنا بدائرة القسم لتفقد الحالة الامنية وضبط الخارجين عن القانون ، وحال مرورنا والقوة المرافقة مترجلين بشارع دائرة القسم
شاهدنا أحد الأشخاص واقفا بإحدى النواصي بالشارع سالف الذكر والذي ما إن شاهدنا والقوه المرافقه حتي ظهرت عليه علامات الحيرة والارتباك الشديدين وبالتوجه نحوه لسؤاله عن هويته قام بإخراج شيء من بين طيات ملابسه محاولا التخلص منه بالقائه أرضا فتتبعته ببصري حتي استقر أرضا فالتقطته وبمواجهته بالمضبوطات اعترف بحيازتها بقصد..
فلو كان الحرز مخدرات يكون القصد التعاطي أو الاتجار ولو كان سلاحا بقصد الدفاع عن النفس.
ورواية اخرى هي نفس الصيغة ولكن بطريقة مختلفة انه وردت إليه معلومة من أحد مصادره السرية الموثوق فيها والسابق التعامل معها بقيام أحد الأشخاص بالاتجار في المواد المخدرة وأنه حاليا متواجد بشارع دائرة القسم.
وعلي الفور انتقلت انا والقوة المرافقة للمكان فأشار لنا المصدر السري عليه وقام بالانصراف حتي لا يفتضح امره وأثناء ذلك حضر أحد الأشخاص علي دراجة نارية فأخرج مبلغا ماليا وقام الاخر بإخراج شير من كيس اسود معه قمت بمداهمته وضبط الكيس بيده وفي تلك اللحظه فر الشخص الأخر بالدراجة الناريه ولم نتمكن من ضبطه.. وبفض الحرز تبين أنه يحوي مادة داكنة اللون تشبه جوهر الحشيش المخدر أو نباتا عشبيا أخضر يشبه نبات البانجو المخدر أو أي عقاقير مخدرة ثم يحرر محضر بالواقعة والعرض علي النيابه العامه ويتكرر الأمر علي هذا المنوال بأن مأمور الضبط القضائي هو العالم بمكنون الأسرار تتكشف له الحقائق وكل الأحراز والمضبوطات تلقي أمام عينيه هو وحده ولا أحد سواه.
وقد يكون مأمور الضبط محقا أن المتهم يحوز ويحرز ولكن طريقة الضبط هي محل الشك في صحة روايته من حيث بطلان إجراءات القبض والتفتيش وعدم المعقولية واختلاق واقعة تلبس وكذلك انفراده بعملية القبض والتفتيش للمتهم وحجب باقي أفراد القوه المرافقه له عن الشهادة وهو في حقيقة الأمر مشكلة من ناحيتين الأولي مخالفة القانون في عملية الضبط ، والثانية هو أن المتهم قد يكون محرزا لما هو مؤثم عليه قانونا
ولكن يقضي له بالبراءة حفاظا علي الشرعية الاجرائيه وقدسيتها واحترام الحقوق والحريات للمواطنين فلا يجوز الافتئات علي حرياتهم وتفتيشهم بدون إذن من النيابه العامه أو توافر حالة من حالات التلبس التي نصت عليها المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية فأصبحت المحاضر تحرر بهذه الديباجة لواقعة ضبط المتهم محرزا ولكن طريقة تفتيشه أو إخراج الحرز منه تمت بالمخالفة للقانون فيسطر محضر ضبط علي خلاف الحقيقه محاولا أن يضفي عليه صفة الشرعيه فتفحص المحكمه أدلة الثبوت وأدلة النفي وتوازي بينهما فتكون البراءة في أكثر من 95%من هذه القضايا والنسبه الأخري إدانة أو قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية.. كل ذلك الأمر محصلته النهائيه أن المتهم وان كان محرزا لما هو مؤثم قانونا قد حصل على البراءة ولم يتحقق الردع العام فيعود لنشاطه الاجرامي ، وكذلك مأمور الضبط القضائي يعود لنفس الديباجة العقيمة ليهدي المتهم البراءة بكل سهوله ويسر وهو الأمر الذي يحتاج وضع ضوابط قوية للحد من مخالفة القانون وتخفيف الأعباء عن المحكمه
وهذا الضوابط تتبلور في الا يخالف مأمور ضبط قضائي القانون ولا يجعل مجرما يفر من العقاب.
ذلك هو الدور المنوط بهم لدولة القانون أن يطبق كما هو تشريعيا فيلتزم به الجميع حرفيا، فالجميع غايته السكينة والطمأنينة وحب الوطن وتحقيق العدالة .. حفظ الله مصر وشعبها.