كرم جبر يكتب: الإخوان وتثمين الكذب
الصباح العربي
يقول المثل "من يخدم سيدين يكذب على أحدهما أو يخونه" واختار الإخوان أن يخدموا أنفسهم ويكذبوا على الشعب ويخونوه.. واخترعوا فزاعات يصعب حصرها لمحو الحقائق وتمرير الجرائم، منها "اللهو الخفي" و"الطرف الثالث"، فضاعت دماء الشهداء هباء لأن شباب الجماعة الإرهابية كانوا القتلة الملثمين المندسين في المظاهرات لتصفية خصومهم ومنافسيهم.
يمهل ولا يهمل وحاصرتهم جرائمهم فى أحداث الاتحادية، التي كانت مسماراً نفذ في قلبهم ،ووقف رئيسهم المعزول يوزع الاتهامات الظالمة على الأبرياء، ويتوعد معارضيه بالانتقام والعقاب، دون أن يستوعب أن الجماهير الغاضبة ودعت الخوف وتمردت على الخنوع .
اتبع الإخوان إستراتيجية "تثمين الكذب" وتبسيطه والإلحاح به وتكراره فربما يصدقه الناس، ولكن انقلبت عليهم ألسنتهم وعجلت بنهايتهم، وشيدت بينهم وبين الناس جداراً سميكاً من عدم الثقة.
كذابون في اللحظة التي أعلنوا فيها عدم خوضهم الانتخابات الرئاسية وحنثوا بوعودهم ودفعوا بالشاطر ثم مرسى وانقضوا على البرلمان بعد إقصاء كل القوى السياسية، أصبحت الجماهير تتحسس مسدسها كلما سمعت كوادرهم يستعرضون عضلاتهم فى الفضائيات ووسائل الإعلام.
هل تذكرون "طائر النهضة" الذي بشر به مرسى انقلب غراباً، و"أنهارالعسل" التي وعد بها العريان أصبحت "مية نار"؟ ومرسى الذي امتدح الطوارئ زاعماً أنها مذكورة في القرآن وهو يجلس على كرسي الحكم، بينما هو وجماعته كانوا الأكثر شجباً وبكاءً على أطلالها وهم خارج السلطة.. لم تكن كذبة أو اثنتين أو ثلاثة أو عشرة، وإنما أسلوب ممنهج يتم استدعاؤه في كل المواقف.
تجسدت المهزلة - مثلا - في أكاذيب صفوت حجازي "بالملايين على القدس رايحين"، ولم يضع في عينيه فص ملح وهو يزايد على المشاعر الوطنية، بينما رئيسه يصف شيمون بيريز بـ "عزيزي وصديقي العظيم"، وبينما يستشهد أبناء مصر الأبرار في سيناء على أيدي عصابته ومجرمي حماس، تحت رعاية الإخوان وحمايتهم ودعمهم.
كان مستحيلاً أن تصمد أكاذيبهم أمام وعى المواطنين البسطاء الذين اكتشفوا أن الإخوان يكذبون كما يتنفسون ،فلبست الحقائق قبضة حديدية وأطاحت بالكذابين خارج قصر الحكم.
منهجهم "اكذب ثم اكذب ثم اكذب قد يصدقونك"، ولم ينكشف هذا الغطاء إلا بعد أن جرَّب الناس بأنفسهم، وكان مستحيلاً أن يقتنعوا أن هؤلاء الناس الطيبين كذابون، وأن أنهارهم لن تفيض عسلاً، ولن يأتى المن والسلوى، إلا بعد أن شاهدوا بأعينهم.
وكما تغلغل الإخوان بسلاح الكذب، انتحروا أيضاً بالكذب، عندما انطلق قادتهم ينشرون بين المصريين أكاذيب لا تنتهي، العريان وأبو بركة وصفوت حجازي والشاطر وغيرهم، حتى سقطت الأقنعة.
المواجهة تتطلب اليقظة، وأصبح لدى غالبية المصريين حاسة استشعار، لدحض الشائعات التي يروجونها كل يوم، فـ"استحلال الكذب" منهج راسخ في أيديولوجيات الجماعة الإرهابية.. هذا ما قالته وزارة الأوقاف في بيان صدر عنها، وأضافت "الكذب سلاحها لتحقيق الأهداف وتدمير الخصوم".
لا ننسى أن الجماعة تغلغلت تحت جلد المجتمع بأكاذيبها المستمرة، ومثلها الصارخ استنكارهم لمحاولات اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في المنشية "26 أكتوبر 1954"، وظلوا طوال عشرات السنين يقسمون بأغلظ الأيمان، إنها مؤامرة للتخلص منهم، ولكن بعد أن اختطفوا السلطة في 25 يناير، اعترفوا بالجريمة، وتغزلوا في مرتكبيها وبطولاتهم.
نقلا عن اخبار اليوم