أحمد تاج يكتب.. اللغة التي تآمر عليها الجميع !!!
الصباح العربياللغة التي تآمر عليها الجميع !!! حديثي اليوم عن اللغة .. الجرائم المرتكبة في حقها و موتها ...ما هو موت اللغة ؟ هناك نوعين من انواع الموت اللغوي و هما فناء اللغة و انقراض اللغة . و هناك طرائق عدة و جرائم عدة ترتكب لقتل اللغة و مواتها · اللغة الفانية هي اللغة التي لم يعد احد يتحثها بشكل طبيعي حتى و ان كانت لم تزل تستخدم استخدامات محددة ( اللاتينية مثال واضح حيث ان استخداماتها مقصورة على الصلوات الدينية و المكاتبات الرسمية للفاتيكان و بعض التوثيق العلمي لكن لا يوجد شخص يستخدمها استخدام طبيعي في حياته اليومية او ينقلها عبر اجيال تتحدثها بشكل تلقائي منذ الطفولة) · اما اللغة المنقرضة فهي اللغة التي لا يتحدثها اي شخص لا بشكل تلقائي و لا بشكل متعمد و لا يتم استخدامها باي شكل من الاشكال سوى الطرق المتحفية . يستطيع البعض قراءتها و تفسيرها لكن لا يتم التواصل بها اطلاقا ( خير مثال هي اللغة السومرية و التي لا تستخدم اطلاقا ). اللغات لا تموت في الاغلب بنفس الطريقة . هناك عدة طرق و جرائم بشعة لا يعاقب عليها القانون تؤدي باللغة الى الموت المحقق أ- الطريقة الاولى (الموت البطيء) و هي الطريقة الاكثر شيوعا . يقع الموت البطيء حينما يتعرض متحدثي لغة ما الى لغة اخرى جديدة تحمل قيمة (اجتماعية) اعلى في المجتمع و بالتالي يبدأ المتحدثين في تعلم اللغة الجديدة الى جانب لغتهم و يبدأون في خلط الاثنتين و من ثم تبدأ الاجيال الجديدة في الميل الى اللغة ذات المكانة و القيمة على حساب لغتهم الى ان يتوقف استخدام اللغة الاصلية تماما (نستطيع رؤية ذلك في لغة كرونويل (الكورنيش) في جنوب غرب الجزيرة الانجليزية و التي استبدلت باللغة الانجليزية مع توسع الحكم الانجليزي بداية من 900 ميلادية و الايمان المسيحي عبر الجزيرة حتى صارت الكورنيش هي لغة الاقل حظا و لغة الطبقة الدنيا من المجتمع ) ب- الطريقة الثانية (موت من القاع للقمة) و هو الموت الذي يحدث عند رفع لغة ما من سياقها المجتمعي للتواصل الى لغة مقدسة يتم استخدامها فقط في سياق لتورجي ديني او طقسي او سياق علمي بحت و في هذه الحالة تتحول اللغة الى لغة مكتوبة ثقيلة في النطق (كما في اللاتينية الحديثة). ت- الطريقة الثالثة ( الموت الحتمي) و هو نوع الموت البشع الذي يحدث حينما يتوقف الجميع عن التحدث بلغة بشكل مفاجيء و جمعي كأن يموت كل متحدثي اللغة ( امر نادر الحدوث و غير شائع لكن مثاله الواضح حدث في تسمانيا سنة 1830 حينما قتل المستعمر الاوروبي جميع السكان الاصليين لتسمانيا و ماتوا و معهم لغتهم فيما اطلق عليه الحرب السوداء) ث- الطريقة الرابعة (الموت الأصولي) و هي من اسرع الطرق و ابشعها موت اللغات حينما يخاف المتحدثين من استخدام اللغة لسبب سياسي او قانوني او ان تتحول اللغة الى جريمة يستوجب استخدامها العقوبة (حدث هذا في السلفادور في 1930 حينما توقف المتحدثين عن استخدام لغاتهم المحلية مثل الكلينما و الكاكاوبيرا كي لا تتم معاقبتهم او قتلهم من قبل المستعمر الاوروبي) . ج- و اخيرا الطريقة الخامسة ( الموت التحوري) و هي اكثر الطرق رحمة و يحدث ذلك حينما يسوء استخدام اللغة صوتيا و يتم تشويهها هجائيا فينتج عنها لغة او لغات اخرى . قد تمت اللغة الحديثة للقديمة بصلة و لكن على مستوى التواصل و الاستخدام و الكتابة فهما لغتين و المثال الحي هو ( اولدشرش سلافونيك و الذي لا يزال يستخدم كنسيا في الكنائس الروسية الارثوذكسية بينما في الحياة العامة فقد نشأ عنه لغات اخرى تستخدم رسميا و هي البولندية و الروسية و البلغارية و الان السؤال المحير ... اذا اخذنا القبطية كمثال فاين تقع لغتنا المصرية في نطاق اللغات الميتة ؟ هل هي لغة ميتة ببطء ؟ ...لغة ماتت من القاع للقمة ؟ ... ماتت بشكل حتمي ؟ ...ماتت بطريقة أصولية ؟ ...ماتت تحوريا ؟! الحقيقة اللغة القبطية هي كل ما سبق ... تخلى عنها متحدثيها للغة اكثر مكانة اجتماعية (العربية) و تناسوها جيل بعد جيل . حفظتها الكنائس و قصرت انتشارها على الليتورجية الدينية فأكتسبت مكانة دينية على حساب التطور المجتمعي في الاستخدام حتى صار العامة يطلقون عليها (لغة مسيحي) . تم معاقبة متحدثيها بعقوبات شديدة وصلت لقطع الالسنة في عهد الحاكم بأمر الله لضمان توقف استخدامها الغير كنسي . تحورت حديثا من خلال التعديلات اللغوية ( تعديلات عريان افندي) اللتي افقدتها كثيرا من خصائصها الصوتية المميزة كما جعلت هجائها يختلف اختلاف من متوسط لشديد بين لهجاتها المختفلة (بحيري, صعيدي, بشموري, فيومي) تآمر عليها ابناءها و يرفضون الآن ان يبقوا على البقية الباقية منها أو أن يدعموا ذكراها و لو بمنهج مبسط عنها في المدارس للأطفال .... نحن لا نقول بإعادة احيائها كما فعل اليهود مع العبرية بعد 2000 سنه من موتها و أعادوها كلغة حية من الاموات .. لكن فقط اعطوا لتاريخكم قدره ماتت القبطية و بلا عزاء