احمد عبد الرحمن يكتب: كدابين الزفة
الصباح العربيالكثير من السادة المصريين المقيمين خارجها ومعاهم جنسيات دول أخرى وخصوصا بعض دول أوروبا وأمريكا ، دائما يصدرون لنا صورة مثالية لهذه الدول وكيف أنهم يستمتعون بحياتهم في المدينة الفاضلة ويعطون إنطباعات عن تلك الدول وكأنها جنة الله على الأرض ، نظافة وأخلاق وعِلم وتقدم وتكنولوجيا وفلوس ودهب وياقوت ومرجان وكأنهم عايشين في مغارة علي بابا .
والغريب أن بعض هؤلاء السادة لا يتركون شاردة أو واردة تحدث في مصر إلا ويشمرون عن سواعدهم ويجهزون أسلحتهم ويوجهون سهام النقد اللاذع تجاه بلدهم الأصلي ، وكيف أن الله اصطفاهم وجعلهم يتركوا البلد ومشاكلها والقرف اللى فيها .
ويجتهد هؤلاء السادة في تصدير التعاسة والإكتئاب لجموع الشعب المصري بكل طوائفه وبصفة دائمة وكأن من شروط تواجدهم في الدول الأخرى أنهم يعكرون صفو حياة المصريين الراضين بما قسمه الله لهم .
وكان يعتمد السادة المصريين أصحاب الجنسيات الأخرى على أن المواطن المصري البسيط سيصدق كلامهم وحكاياتهم الأسطورية عن البلدان التي يحملون جنسياتها ، وبالفعل كان البعض يصدقهم لنقص المعلومات الإعلامية ، لكن مع تطور وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي اكتشف المصريين كذب تلك الأساطير المزعومة ، واكتشفوا أن الحضارة والتقدم والعدالة الإجتماعية ماهي إلا صورة براقة لواقع مغاير .
صحيح أن تلك الدول فيها تكنولوجيا وصناعة وتجارة وتقدم علمي لكن يبقى ما شاهدناه خلال السنوات الماضية في فرنسا وايطاليا وأسبانيا وتركيا وإنجلترا والولايات المتحدة من تجاوزات ضد مواطني هذه الدول وتقارير الإنتهاكات الإنسانية ضدهم كانت كفيلة بأن تجعلنا لا نصدق الصورة الوردية التي كان يصورونها لنا المصريين أصحاب الجنسية الثانية .
والعجيب والمريب إنك لا تجد في أحاديث هؤلاء السادة أي إشارة من قريب أو بعيد عن الأحداث السلبية التي تحدث في بلدانهم البديلة ويطبقون شعار لا أسمع لا أرى لا أتكلم وتشعر بأنهم كدابين الزفة.
ولعل ملايين المصريين شاهدوا خلال الأيام الماضية بطولة أوروبا لكرة القدم وشاهدوا الهمجية والبلطجة وسوء الأخلاق لبعض الجماهير الأوروبية فيما بينهم ، وشاهدنا جميعا كل أنواع التحرش والعشوائية والسلوكيات التي لا تعبر عن أي حضارة أو تقدم .
والطامة الكبرى كانت سلوك الجمهور الإنجليزي في ختام البطولة واعتدائهم على الجماهير الإيطالية بمنتهى السفالة وقلة الأدب والإجرام وكان ما فعلوا خير دليل على ما أقول ، بل والأخطر من ذلك أن العنصرية ظهرت عندهم في أبشع صورها عندما طالب بعض الإنجليز أن يتم سحب الجنسية الإنجليزية من بعض لاعبي المنتخب من أصحاب البشرة السوداء وأنهم كانوا السبب في عدم حصولهم على كأس البطولة .
وهو ما يؤكد أن العدالة الإجتماعية في تلك الدول ما هي إلا حبر على ورق ، ولا أبالغ عندما أقول لكم أني رأيت بعيني في بعض من هذه الدول تفرقة في المعاملة بين مواطنين بلد واحد وأن هذا مواطن درجة أولى وآخرين درجة ثانية وثالثة ويتم التصنيف بالبلدي كده بحسب الأصل والفصل ، وهو مالم نسمع عنه في المحروسة على مدار آلاف السنين والتي تعتبر الملاذ الآمن لكل من لجأ إليها .
وللأسف عندما تناقش أحد السادة المصريين أصحاب الجنسيات الأخرى في سلبيات دولهم الثانية ، يحاولون بكل ما يمتلكون من جهد أن يبرروا الأحداث السلبية وأنها تحدث في غياب القانون وأن كل بلد فيه الصالح والطالح .
والسؤال الذي يجرح مشاعرهم دائما ، طالما في كل بلد الصالح والطالح ليه بتتعمدوا اظهار الطالح عندنا وتتجاهلوا الصالح ؟ لكنهم في الغالب يراوغون بكلام غير مفهوم ويتنصلون من الإجابة .
واللافت للنظر إنك تلاقي هؤلاء السادة المصريين المتجنسين ( البعض طبعا ) حريصين على زيارة مصر بصفة مستمرة ليس عشقا لها وانما لكي يستمتعوا بالسياحة فيها ، وتلاقيهم مقسمين زيارتهم اسبوع في الساحل واسبوع في الغردقة وكام يوم في شرم الشيخ ولو لسه فاضل لهم يومين تلاته يبقى لزيارة الأهل سريعا واستكمال الفسحة في القاهرة .
أنا معنديش مانع من انهم يستمتعوا بمصر في أي وقت ، برضه بلدهم الأصلي ، لكن أرجوهم بأن يكفوا عن تصدير العكننة لباقي المصريين ، واتكسف على دمك إنت وهو وهي واعرف ان مصر مش عايزة حاجة منك ولو مزنوق قوي وعايز تقدم لها حاجة تبقى الكلمة الطيبة ، استقيموا يرحمكم الله .
طبعا هناك من لن يروق له هذا الكلام وسيبادر بشن هجوم مباشر على كلامي لكن يا أهلا بالمعارك في سبيل الوطن وكفاية إن الناس هتعرف إن على (راسك بَطْحَة )