أحمد عبد الرحمن يكتب: أحلى من الشرف مافيش
الصباح العربيمعرفش ليه وانا بتابع دورة طوكيو الأولمبية تذكرت الفنان الراحل توفيق الدقن وهو بيقول بطريقته الساخرة " أحلى من الشرف مافيش " ، وظلت هذه الجملة مسيطرة على تفكيري منذ اليوم الأول للاولمبياد وحتى اليوم الأخير .
الموضوع ببساطة ان السادة المسئولين عن الرياضة في مصر أعلنوا أن البعثة المصرية المشاركة في الأولمبياد هي البعثة الأكبر في تاريخ مشاركات مصر الأولمبية وان البعثة مرشحة لحصد العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية .
وبما أن الكلام كان حلو وجميل جهزنا الحلويات والشربات للإحتفال بالإنجازات الرياضية الأولمبية إعتمادا على تصريحات المسئولين عن بعثة الأبطال الأشاوس .
وجلسنا نشاهد ونتابع بمنتهى الحماس حصد الميداليات الواحدة تلو الأخرى ، وطال إنتظارنا وأصبح الحماس ترقب ودعاء وتحولت الأحلام إلى كوابيس عندما أصبحت الوعود بحصد الميداليات مجرد مأساة إسمها التمثيل المشرف .
يا سنة سوخة يا ولاد ، كل البعثة دي والحصيلة النهائية ميدالية ذهب وأخرى فضية وأربعة برونزيات !!! وباقي بعثة الأشاوس محصلوش حتى ميدالية صفيح .
معقولة الكلام ده ؟ وحتى لو معقول ، ليه وعلشان إيه وازاي ؟ ده احنا شعب تعداده أكثر من مائة مليون إنسان ، ومعظمهم من الشباب ، يعني بالبلدي المفروض والطبيعي نلاقي فيهم على الأقل مليون واحد وواحدة شاطرين ومتفوقين وأبطال رياضيين .
إنما للأسف ( الخيبة تقيلة ) واكتشفنا ان معندناش في عالم الشباب اي تفوق رياضي أو حتى طموح في التفوق الرياضي .
مصارعة ، سباحة ، سلاح ، تنس طاولة ، جمباز ، ألعاب قوى ، رماية ، ملاكمة ، وعشرات الألعاب الأخرى ، معندناش غير ستة ابطال يرفعوا الراس والباقي كله تمثيل مشرف !!!
أنا مش عارف حكاية التمثيل المشرف ده إيه يعني ؟
صحيح "مافيش أحلى من الشرف" لكن لما أكون عامل المطلوب مني على أكمل وجه ، إنما أملأ الدنيا صراخا وضجيجا بلا أدنى نتيجة ، أبقى لا مؤاخذة ماليش أي لازمة ولا أستحق أن أمثل بلادي في مثل هذه البطولات علشان الفضايح .
الواحد بيستغرب إن في دول تعداد سكانها أقل من تعداد شارع من شوارع مصر ، لكنها حصدت ميداليات دهبية وفضية وبرونزية أضعاف ما حصلنا عليه ، والمصيبة السودة إننا كنا بنتريق عليهم .
المنظومة الرياضية المصرية في حاجة إلى إعادة "تأهيل وإصلاح وتهذيب" ، ولابد أن تتعامل معها القيادة السياسية بمنتهى الحزم وحسابها على إخفاقاتها المتتالية والتي لا تتناسب مع حجم الأموال التي تنفقها الدولة على تلك المنظومة .
أين وزارة الشباب والرياضة وتصريحاتهم البراقة وكله تمام التمام رغم الفشل الذريع حتى في كرة القدم التي تأخذ كل الإهتمام والتقدير و"الدلع" عند الوزارة وتوابعها ؟!
أين دور الأندية التي تحصل على دعم الدولة ومراكز الشباب التي لم نستفد منهم بأي موهبة عالمية في أي مجال من مجالات الرياضة رغم ملايين الجنيهات التي تحصل عليها ؟
وطبعا لكل قاعدة استثناء ، والإستثناء هنا للبطلة فريال أشرف وميداليتها الذهبية في الكاراتيه بمجهود ذاتي ودون أي دعاية ، والبطل أحمد الجندي صاحب الميدالية الفضية في الخماسي الحديث والذي رغم صغر سنه إلا أنه نافس أبطال العالم في هذه اللعبة ، بالإضافة إلى برونزيتين في التايكوندو لكل من البطلة هداية ملاك وبرونزية البطل سيف عيسى والبطل محمد ابراهيم " كيشو" في المصارعة الرومانية وأخيرا البطلة جيانا فاروق وبرونزية " الكوميتيه" في الكاراتيه ، بالإضافة إلى فريق كرة اليد ورغم عدم حصوله على أي ميدالية إلا أننا رأينا أنهم بذلوا ما في استطاعتهم ولم يكن في الإمكان أفضل مما كان .
انهم ابطال من ذهب حتى وان كان منهم من حصد الفضة والبرونز ، لأنهم سبحوا ضد تيار الفشل الذي سيطر على كل البعثة .
صحيح مش مطلوب من الرياضة المصرية الحصول على كل البطولات وكل الميداليات لكن المطلوب أن تكون تصريحاتنا على قدر انجازاتنا وليست تصريحات مضللة تجعلنا نسرح بخيالاتنا في عالم الصفوة الرياضية .
نحن دولة يا سادة لنا تاريخ ممتد عبر آلاف السنين وتبذل القيادة السياسية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي كل الجهد لكي نكون في مصاف الدول المتقدمة ونشهد بالفعل نهضة عمرانية وإقتصادية و إجتماعية وصناعية ويقدم كل الدعم للنهوض بالشباب والرياضة .
لكن للأسف هناك في عالم الرياضة فساد يضرب بجذوره كل القطاعات وأنا على ثقة بأن القيادة السياسية ستقتلع جذور الفساد في هذا الوسط لكي تستقيم الأمور لكي نرى إنجازات عالمية ولا نكتفي بالتمثيل المشرف الذي ورغم انه صفة رائعة إلا أنه لو اقترن بالعمل الجاد لأصبح بالفعل "أحلى من الشرف مافيش"