تحقيقات وتقارير

مع استمرار الحرب في أوكرانيا.. ما الموقف الإفريقي تجاه روسيا؟

الصباح العربي

أشار الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني مؤخرًا إلى أن حرب روسيا على أوكرانيا يجب أن يُنظر إليها في سياق اعتبار موسكو مركز الثقل لأوروبا الشرقية.

موقف ابنه اللفتنانت جنرال موهوزي كينيروجابا، كان أكثر قوة، حيث أعلن أن معظم الأفارقة يدعمون موقف روسيا في أوكرانيا وأن بوتين محق تمامًا!”

ووسط جوقة الإدانات العالمية، ردت معظم دول إفريقيا أو ظلت هادئة بشكل ملحوظ.

وامتنعت 25 دولة من أصل 54 في إفريقيا عن التصويت أو لم تسجل تصويتًا في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر الذي يدين روسيا.

وتتمتع العديد من الدول في القارة، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة بعلاقات طويلة الأمد ودعم من موسكو، يعود تاريخها إلى الحرب الباردة عندما دعم الاتحاد السوفيتي النضالات ضد الاستعمار.

وتعززت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة، حيث بدا أن اهتمام الولايات المتحدة بأفريقيا يتضاءل في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، ووسعت روسيا، إلى جانب الصين، نفوذها، كما وسعت من أثرها الاقتصادي لتشمل كل شيء من البرامج الزراعية إلى محطات الطاقة.

وفي عام 2019، حضر كبار الشخصيات من 43 دولة أفريقية قمة مع روسيا، التي أصبحت أيضًا المصدر المهيمن للأسلحة في إفريقيا جنوب الصحراء، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

لم تمر التطورات مرور الكرام. في الشهر الماضي، حيث عقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة طال انتظارها في بروكسل لمناقشة سبل مواجهة نفوذ روسيا والصين في إفريقيا، بينما يتطلع القادة العسكريون والمدنيون الغربيون إلى الوجود الروسي المتقدم في كل من القارة الأفريقية والشرق الأوسط كتهديدات طويلة الأمد للأمن في الغرب، الصين أيضًا من بين الدول القليلة التي أبدت دعمًا لموسكو.

كانت هناك استثناءات لتيار التعاطف الذي يمر عبر إفريقيا، حيث انتقدت كينيا وغانا تصرفات روسيا.

لكن، في أماكن أخرى من القارة، لا تمتنع البلدان عن النقد فحسب، بل يبدو أنها تحتفل بتحالفاتها مع روسيا.

مع تصاعد الحرب في أوكرانيا، حضر قادة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا حدثا في السفارة الروسية في كيب تاون للاحتفال بمرور 30 عاما على العلاقات الدبلوماسية للبلاد مع الاتحاد الروسي.

ولدى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي علاقات مع الكرملين تمتد إلى الدعم الدبلوماسي والعسكري من الاتحاد السوفييتي للنضال ضد الفصل العنصري، والذي لم تقدمه القوى الغربية.

يشير بعض مواطني جنوب إفريقيا إلى أن روسيا لم تكن من بين مستعمري إفريقيا.

قال النائب فلويد شيفامبو، زعيم حزب المعارضة اليساري في البلاد، “مقاتلو الحرية الاقتصادية”، إن صداقة جنوب إفريقيا مع روسيا” متجذرة من خلال روابط الأخوة”.

ورأى شيفامبو أن تصرفات روسيا في أوكرانيا ضرورية لمنع توسع الناتو.

قال رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا إن بلاده امتنعت عن التصويت على قرار اللوم الذي أصدرته الأمم المتحدة لأنه فشل في الدعوة إلى” مشاركة هادفة” مع روسيا.

وانتقد توسع حلف الناتو في أوروبا الشرقية، وقال رامافوزا للمشرعين الخميس: ”لقد رأينا، بمرور الوقت، كيف تم غزو الدول، وشن الحروب على مدى سنوات عديدة، لقد خلف ذلك دمارا، لقد قتل بعض قادة دول بعينها في قارتنا، قُتل الرئيس الليبي معمر القذافي”.

وقال إنه يعتقد أن روسيا تشعر” بتهديد وجودي وطني” من الناتو.

كما امتنعت زيمبابوي المجاورة عن التصويت في الأمم المتحدة، والتي كانت قد أفلتت في السابق من العقوبات الخاصة بها في الأمم المتحدة- بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان وتزوير الانتخابات- بفضل حق النقض من قبل روسيا والصين.

وأشاد رئيس زيمبابوي إيمرسون منانجاجوا بروسيا والصين باعتبارهما” ركائز يمكن الاعتماد عليها”، مشيرا إلى الأسلحة التي قدموها والتدريب الذي قدموه للمقاتلين في حرب السبعينيات ضد حكم الأقلية البيضاء في روديسيا.

وتمتلك روسيا استثمارات كبيرة في زيمبابوي، منها مشروع تعدين مشترك بمليارات الدولارات في منطقة غريت دايك، التي تضم واحدة من أكبر رواسب البلاتين في العالم، كما تشارك روسيا في عمليات تعدين الذهب والماس في زيمبابوي.

وفي أوغندا، حيث يساعد الضباط الروس بانتظام في صيانة المعدات العسكرية، أعلنت السلطات مؤخرا عن توقيع عقد مع شركة روسية لتركيب أجهزة تتبع في المركبات لمكافحة جرائم العنف.

وقال ممثل الدولة الواقعة في شرق إفريقيا لدى الأمم المتحدة إن أوغندا امتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة بشأن روسيا لحماية حيادها بصفتها الرئيس القادم لحركة عدم الانحياز، وهي مجموعة تعود إلى حقبة الحرب الباردة تضم 120 دولة عضو وتضم كل دولة أفريقية تقريبا.

لكن الرئيس موسيفيني ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث التقى بالسفير الروسي مع احتدام الحرب في أوكرانيا.

وكان الزعيم الأوغندي، الذي يتولى السلطة منذ عام 1986، انتقد” عدوان الغرب على إفريقيا”.

واختلفت حكومة موسيفيني في الأشهر الأخيرة مع الولايات المتحدة ودول أخرى أعربت عن قلقها بشأن انتخابات العام الماضي المتنازع عليها والمزاعم المتزايدة بانتهاكات حقوق الإنسان.

كما اتهم موسيفيني الغرب بالتدخل في الشؤون الداخلية، بما في ذلك من خلال الضغط للاعتراف بحقوق مجتمع مثليي الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيا.

قال نيكولاس سينجوبا، وهو كاتب عمود في صحيفة ديلي مونيتور الأوغندية، إن العديد من القادة الأفرقة المستبدين مثل موسيفيني سعداء برؤية بوتين” يقف في وجه الكبار في الغرب”.

وبعد لقائه بالسفير، حث موسيفيني الأفارقة في منشور على تويتر على اكتشاف ما أسماه” مركز الثقل”، الذي قال إنه يتمثل في روسيا التي تقف من أجل” الدول السلافية في أوروبا الشرقية”.

وتم حذف المنشور لاحقا، لكن نجله كينيروجابا، الذي يقود قوات المشاة الأوغندية، كان واضحا في تصريحاته على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكتب على تويتر في الثامن والعشرين من فبراير، إن” غالبية البشر “غير البيض” يدعمون موقف روسيا في أوكرانيا”.

وأضاف: ”بوتين محق تماما، عندما نصب الاتحاد السوفيتي صواريخ مسلحة نوويا في كوبا عام 1962، كان الغرب مستعدا لتفجير العالم بسببها.. الآن عندما يقوم الناتو بالشيء نفسه، هل يتوقعون من روسيا أن تتصرف بشكل مختلف؟”.

مع استمرار الحرب في أوكرانيا ما الموقف الإفريقي تجاه روسيا