أحمد الخميسي يكتب: إلى متى تستمر الحرب الروسية ؟ وبم تنتهي؟
الصباح العربيبدأت الحرب الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير الحالي، وها هي تدخل شهرها الرابع وتثير بذلك العديد من الأسئلة إلى جانب القلق العميق. إلى متى تستمر الحرب؟ وبم قد تنتهي؟. ولو أن العملية العسكرية كانت تستهدف تدمير مواقع وأهداف بعينها لكان لها أن تنتهي من مدة في ظل اطلاع الأجهزة الروسية على أماكن وطبيعة تلك الأهداف. وقد تواصل روسيا حربها إلى أن تجبر أوكرانيا على تغيير الرئيس زيلنسكي - حامل جواز السفر الاسرائيلي الذي يتباهى بأنه سيجعل من أوكرانيا " إسرائيل كبرى"- وانتخاب أوتعيين رئيس آخر يدرك أهمية وضرورة حياد أوكرانيا بين الناتو وروسيا، والكف عن حشد أسلحة حلف الناتو على حدود روسيا، أو أن يقبل الرئيس الأوكراني الحالي بوضعية حياد بلاده بين المدافع الروسية وأموال حلف الناتو ومعداته العسكرية. وخلال الحرب يتم حشد ذكريات الماضي على الجانبين وقودا للحرب، واستنفار المشاعر القومية، والتذكير بأن روسيا كانت تحتل أوكرانيا قبل الثورة البلشفية إلى درجة إزالة النصب التذكارية الروسية في أوكرانيا ومنها تمثال القائد العسكري الروسي ألكسندر سوفوروف، الذي يمثل صفحة خاصة من الأمجاد العسكرية زمن فتوحات الامبراطورية الروسية وضم القرم وفنلندا وروسيا البيضاء وغيرها. ويجسد الجنرال سفوروف نموذجا خاصا لدي الروس، لأنه خاض ستين معركة لم يهزم في واحدة منها، كما أنه صاحب كتاب" علم الانتصار" الذي قال فيه " كل ما هو صعب في التدريب يصبح سهلا في المعركة". تحشد أوكرانيا ذكريات الماضي الذي طواه الزمن منذ أن أصدر لينين مرسوم حق تقرير المصير الذي تحررت بموجبه المستعمرات القيصرية من البقاء ضمن روسيا، واستقلت على أساسه فنلندا وغيرها. أما روسيا فتحشد بدورها ذكريات أمجاد الفتوحات التي كانت أمرا واقعا زمن الامبراطوريات الكبرى، ولهذا يكتب أديب كبير هو زاخار بريليبين ( ترجمت بعض رواياته إلى العربية) ويشير إلى القول الشائع : " الروس لا يبدأون الحروب، الروس ينهون الحروب" ويضيف إلى تلك المقولة أن الروس احقاقا للحق كانوا أيضا " يبدأون الحروب" كلما كان ذلك قدرهم. وقد أشار الرئيس بوتين في خطاب له إلى خلع تمثال سفوروف من مكانه، وقال بنبرة أسف: " لقد أزيل نصب تذكاري لألكسندر سوفوروف في بولتافا. ماذا يمكنني أن أقول؟ هل يمكن للمرء أن يتخلّى عن ماضيه؟ عمّا يُسمَّى بالتراث الاستعماري للإمبراطورية الروسية؟". بطبيعة الحال لا تصلح أمجاد الماضي الذي ولى أن تكون ذريعة روسية للحرب، أيضا لا تصلح أحزان الماضي الذي ولى أن تكون ذريعة لأوكرانيا لمراكمة أسلحة الناتو على حدود روسيا. الماضي يجب أن يطوى، بأمجاد الغزو ، ومرارة الآخرين، ولا ينفع خلال ذلك تأجيج المشاعر القومية لدي أي من الطرفين، خاصة عندما يطول أمد الحرب وتصيح أخبارها مثارا للقلق، ولطرح التساؤلات عن احتمال نشوب حرب نووية، تهدد العالم بأسره. بدخول الحرب شهرها الرابع تتزايد الأسئلة، وتتضاعف المخاوف، ويغيب أفق التمسك بالمنطق وصولا الى حل يرضي الجميع، بعد أن أصبح الجميع طرفا في الحرب، البعيدين عنها ، والقريبين منها، الذين يعانون من تبعات الأزمة الاقتصادية، والذين يعانون من تبعات الحرب العسكرية مباشرة. أمسينا جميعا طرفا في حرب لم نبدأها ، ولسنا نحن من سينهيها.