تضامن فلسطيني في وجه السعار الاستيطاني الساعي لاقتحام وهدم الخان الأحمر
الصباح العربياحتشد مئات المواطنين والمتضامنين، اليوم الإثنين، في تجمع “الخان الأحمر” شرق القدس المحتلة، ردًا على دعوات أعضاء الكنيست الإسرائيلي لاقتحامه والمطالبة بترحيل سكانه وتهجيرهم.
وتوافد الأهالي وعشرات المتضامنين وممثلون عن المؤسسات الشعبية والقوى الفلسطينية، إلى قرية الخان الأحمر، منذ ساعات الصباح الباكر، لمواجهة دعوات اقتحامه من قبل أعضاء في “الكنيست” وممثلين المستوطنين المتطرفين الذين يطالبون بتهجير سكانه، ومؤكدين على تشبثهم بأرضهم وتمسكهم بها.
وحمل المتضامنون ومن بينهم أجانب الأعلام الفلسطينية، ورددوا الهتافات والشعارات الوطنية التي تؤكد تمسكهم بالأرض والثبات عليها، ورفضهم لكل المخططات الإسرائيلية الاستيطانية الداعية إلى تهجير سكان الخان الأحمر .
وكانت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وفصائل العمل الوطني الفلسطيني، دعت، اليوم الإثنين، جماهير الشعب الفلسطيني، للمشاركة في وقفة دعم وإسناد لأهالي قرية الخان الأحمر لتعزيز صمودهم، وذلك ردا على دعوات المستوطنين وأعضاء الكنيست لاقتحام الخان وتهجير الأهالي.
ويخطط أعضاء الكنيست من حزب الليكود اليميني الإسرائيلي، لاقتحام قرية الخان الأحمر، اليوم بهدف الضغط على رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو للعمل على إخلائها.
وكان رئيس الأمن القومي الإسرائيلي الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، قد توعد الأحد، بإخلاء أهالي الخان الأحمر بشكل فوري. وجاء تهديد بن غفير بإخلاء الخان الأحمر عقب إخلاء بؤرة استيطانية أقامها مستوطنون بينهم حفيد الحاخام دروكمان على أراضي قرية “جوريش” جنوب شرق نابلس.
ويأتي اقتحام أعضاء الكنيست، قبل تقديم رد الحكومة الإسرائيلية، أمام المحكمة العليا على قضية إخلاء القرية من عدمه في الأول من الشهر المقبل.
الهدم لن يمر
وقال مؤيد شعبان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، في حديث لقناة “الغد” إن التظاهرة في الخان الأحمر تحمل رسالتين مهمتين؛ الأولى للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ولرئيسها بنيامين نتنياهو ومفادها أن قرار الإخلاء للخان الأحمر لن يمر على جثث الشعب الفلسطيني ولن نسمح للاحتلال بترحيل السكان أو تهجيرهم”.
وأكد شعبان، أن كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ احتلال فلسطين عام 48 وحتى يومنا، قد اندثرت وذهبت أدراج الرياح، ولم يبقَ الإ الشعب الفلسطيني، وكذلك الحال فإن حكومة نتنياهو بما تضم من متطرفين وإرهابيين ستذهب إلى مزابل التاريخ وسيبقى الفلسطينيون على أرضهم رغم كل إجراءات وجرائم الاحتلال”.
وأضاف: “الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والشعبية والفصائلية سيبذل ما يستطيعون من أجل الحفاظ على الخان الأحمر وسيواجهون قرار الاحتلال بهدم الخان بكل ما يملكون وبكافة السبل”، موضحاً أن قرار الهدم يعني أن إسرائيل ستعمل على هدم 15 تجمعاً من الخان الأحمر بوابة القدس الشرقية وحتى البحر الميت.
وشدد على أن كل مكونات الشعب الفلسطيني ستعمل على وضع الخطط والبرامج لمواجهة قرارات الاحتلال العنصرية.
بدوره أوضح رئيس مجلس قروي الخان الأحمر عيد جهالين في تصريح صحفي، أن هذه الفعالية التضامنية بسبب دعوات بن غفير واليمين المتطرف لإزالة هذه القرية، موضحاً أن كل الشعب الفلسطيني متواجد في القرية حتى حمايتها من بن غفير وقطعان المستوطنين.
وأضاف: “إننا باقون في أرضنا، ولن نذهب إلى مكان ولن نهاجر ولن نغادر، وباقون فيها ما بقي الزعتر والزيتون، هذا حقنا وهذه أرضنا، وسنبقى مدافعين عن أرضنا، ولن نقبل أن تداس أرض الحرية من قبل الاحتلال ومستوطنيه”.
الخان الأحمر
ويقع الخان الأحمر ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال، لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى”E1″، عبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الممتدة من شرقي القدس وحتى البحر الميت، والهادف إلى تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، وعزل مدينة القدس المحتلة عن باقي الضفة.
وتمثل قرية الخان الأحمر البوابة الشرقية للقدس المحتلة، وإفشال المخطط الاستيطاني يعني إفشال تقسيم الضفة الغربية لكانتونات، كما تفيد هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
ويعيش نحو 200 مواطن فلسطيني، تعود أصولهم لقبيلة الجهالين البدوية، أكثر من نصفهم من الأطفال، خطر هدم مساكنهم وترحيلهم عن أرضهم ومصدر رزقهم في القرية، الواقعة على بعد 15 كم شرقي القدس المحتلة، ويعد المخطط جزءا من مشاريع الاحتلال الهادفة إلى تهويد القدس وتهجير سكانها لصالح الاستيطان، ليصل عددهم إلى أقل من 20% من سكان المدينة.
ويحيط بالخان الأحمر عدد من المستوطنات، حيث يقع التجمع ضمن الأراضي التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ مشروعها الاحتلالي المسمى بـ(E1)، والذي يتضمن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية؛ بهدف ربط مستوطنة “معاليه أدوميم” مع مدينة القدس.
قرارت تهجير
ويقود المخطط عضو الكنيست عن حزب “الليكود” داني دانون، الذي قدم الإثنين الماضي، طلبا بتفعيل قرار المحكمة العليا بهدم الخان الأحمر، بالإضافة إلى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ، الذي توعد بتهجير السكان والسيطرة على المنطقة بأكملها لصالح الإستيطان.
وفي مارس/ آذار 2010، صدر أول قرار عما تسمى “الإدارة المدنية” بهدم كافة المنشآت في الخان الأحمر، ولجأ الأهالي إلى محاكم الاحتلال للالتماس ضد القرار على مدار سنوات، وكان يتم خلالها الحصول على قرارات تأجيل للهدم، وفي مايو/ أيار عام 2018، قررت سلطات الاحتلال هدم القرية وتهجير سكانها.
وفي ذات العام أصدرت الجنائية الدولية قرارا تحذر فيه الحكومة الإسرائيلية من القيام بتهجير أو هدم القرية، والتجمعات المحيطة بها في المنطقة التي تسمى (E1). واعتبرت الجنائية الدولية آنذاك تهجير السكان وطردهم بمثابة “جريمة حرب”، وكذلك بسبب صمود السكان وإصرارهم على البقاء على أرضهم رغم كل قرارات الإخلاء والهدم، والذي رافقه جهد دبلوماسي ومواقف دولية كبيرة داعمة للفلسطينيين.
وفي أيلول/ سبتمبر 2018، أصدرت محكمة الاحتلال “العليا” قراراً نهائياً بهدم وإخلاء الخان الأحمر، بعد رفضها التماس سكانه ضد إخلائهم وتهجيرهم وهدم التجمع المكوّن أغلبه من خيام ومساكن من الصفيح.
مواقف فلسطينية
بدورها طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، بموقف دولي وأمريكي وأوروبي حازم وضاغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لوقف تنفيذ إخلاء وهدم الخان الأحمر، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لضمان عدم تنفيذ هذا المشروع الاستعماري التوسعي العنصري.
وقالت الوزارة في بيان صحفي، اليوم الإثنين، إن “قرية الخان الأحمر، شرق القدس المحتلة، جزء أصيل من الوطن والأراضي الفلسطينية، في حين أن الاستيطان بجميع أشكاله بما فيها البؤر العشوائية باطلة وغير شرعية وغير قانونية حسب القانون الدولي”.
وأدانت الخارجية، بأشد العبارات حملة التحريض البشعة التي يقوم بها وزراء وأعضاء الكنيست وغلاة المتطرفين من المستوطنين لهدم قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، بما في ذلك الدعوات لاقتحامه والاعتداء على المواطنين والمتضامنين معهم.
واعتبرت الوزارة أن هذا المخطط القديم الجديد استعماري عنصري بامتياز يهدف لتنفيذ مشاريع استيطانية ضخمة في المنطقة الممتدة من القدس حتى البحر الميت بما بات يعرف (E1)، بهدف عزل القدس، ويؤكد أن حكومة نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف هي حكومة استيطان ومستوطنين، ويقوم برنامجها على محاولة تصفية أية فرصة لتطبيق مبدأ حل الدولتين.
بدورها اعتبرت حركة حماس، أن نية الاحتلال تهجير وترحيل سكان الخان الأحمر، هي محاولات قديمة وتأتي ضمن سياسة “الأبارتهيد” العنصرية الاستيطانية التي تهدف إلى تهجير الفلسطنيين وانتزاعهم من أرضهم وممتلكاتهم بالقوة المسلحة.
وقال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، في تصريح صحفي، إن إعلان الاحتلال نيته ترحيل أهالي الخان الأحمر بالقدس هو أمر ليس جديداً ويأتي ضمن سياسة التطهير العرقي التي تأسست عليها الفكرة الصهيونية، ومارستها كل حكومات الاحتلال المتعاقبة.
وأضاف أن ترحيل المواطن صاحب الحق في الأرض سياسة عنصرية تمارسها حكومة الاحتلال لصالح تضخيم المستوطنات، وهذه السياسة ستتصاعد في ظل حكومة المستوطنين الفاشية الحالية، مؤكداً أن الاحتلال لا يمكن له طرد الفلسطينيين منها، وهذه المعركة ستكون لصالح الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والمكان.
وحذر المجلس الوطني الفلسطيني، من نكبة و”ترانسفير” جديد بحق أبناء الشعب الفلسطيني، من خلال إقدام حكومة الاحتلال الفاشية على تنفيذ مخططها بالاستيلاء على قرية الخان الأحمر، وترحيل سكانها قسرا.
وقال المجلس في بيان صحفي: “ما يحدث من تجريف واستيلاء على أراضٍ في بلدة قلنديا، وصولا حتى بلدة رفات، وأرض الحمراء في سلوان، البوابة الجنوبية للمسجد الأقصى، والتعدي على أراضي الكنيسة الأرثوذكسية، بهدف إقامة تجمعات استيطانية، يأتي ضمن مخطط تمزيق وعزل الأحياء الفلسطينية، والعبث بوضع مدينة القدس القانوني، في تحدٍ صارخ لقرارات الشرعية، التي تحمي المدينة المقدسة بمعالمها التاريخية والدينية”.
بدورها حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من التداعيات الخطيرة في حال تنفيذ الاحتلال تهديداته باقتحام أو هدم قرية الخان الأحمر، خاصة في ظل تخطيط أعضاء كنيست من حزب “الليكود”، لاقتحام قرية الخان الأحمر للضغط على نتنياهو للعمل على إخلاء الخان الأحمر وتهجير سكّانها.
وأكدت الشعبية، أن هذا التصعيد الخطير لن يمر مرور الكرام، لا سيما وأن الشعب الفلسطيني سيقف بالمرصاد لكل محاولات اقتلاعه كما جرى في حي الشيخ جراح وغيره من المناطق التي تتعرض لسعار استيطاني يهدف لسرقة الأرض وتهجير السكان.
وقالت الشعبية في بيانها “إن الوحدة الميدانيّة هي الكفيلة بصد كل هذه المخططات الإجراميّة التي تجري على مرأى من العالم صاحب المعايير المزدوجة، مؤكدة على ضرورة الاعتصام والتضامن داخل الخان الأحمر ومسافر يطا وغيرها من المناطق المستهدفة لمواجهة أي محاولة صهيونية لسرقة هذه الأراضي وتشريد سكانها الأصلانيين”.