في يوم الأسير.. 4900 فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال
الصباح العربيتحل ذكرى يوم الأسير الفلسطينيّ، الذي يصادف 17 أبريل/ نيسان من كل عام، مع تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وتنفيذ المزيد من الجرائم والانتهاكات الممنهجة.
وشهدت قضية الأسرى خلال العام المنصرم، الذي كان أكثر الأعوام دموية، تحولات خطيرة، وذلك في ضوء التحولات التي فرضتها الانتخابات الإسرائيلية، ووصول اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفًا لدى الاحتلال إلى سدة الحكم، ومن بين الوزراء ما يسمى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي سخر كل ما يملك من أدوات للتحريض على الأسرى، وعائلاتهم وكذلك على عائلات الشهداء.
وأكدت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة – القدس) في تقرير صدر عنها، اليوم السبت، مع اقتراب إحياء يوم الأسير الفلسطيني، أن المتغير الوحيد القائم هو أن سلطات الاحتلال وبأجهزتها المختلفة، عملت على تطوير المزيد من أدوات التنكيل، وتعمق انتهاكاتها عبر بنية العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني فاعليته وتقويض أي حالة نضالية متصاعدة ضده بهدف تقرير مصيره، وحماية حقوقه الإنسانية.
الاعتقال اليومية الثابتة
واستعرضت مؤسسات الأسرى لهذا العام أبرز المعطيات والمتغيرات التي شهدها واقع سياسة الاعتقال اليومية الثابتة، وكذلك واقع الأسرى في سجون الاحتلال، حيث يواصل الاحتلال اعتقال نحو 4900 أسير، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلًا بينهم طفلة، تقل أعمارهم عن 18 عامًا، إضافة إلى أكثر من 1000 معتقل إداري بينهم 6 أطفال، وأسيرتان وهما رغد الفني، وروضة أبو عجمية.
ويبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، 23 أسيراً، أقدمهم الأسير محمد الطوس المعتقل منذ 1985، بالإضافة إلى ذلك فإن هناك 11 أسيرًا من المحررين في صفقة “وفاء الأحرار” الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى الذين اعتقلوا منذ ما قبل أوسلو وحرروا عام 2011 وأعيد اعتقالهم عام 2014، أبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، والذي دخل عامه الـ43 في سجون الاحتلال، قضى منها 34 عاماً بشكل متواصل.
عمداء الأسرى
ووصل عدد الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عامًا قرابة 400 أسير، وهم ما يعرفون بـ”عمداء الأسرى”، بالإضافة إلى العشرات من محرري صفقة “وفاء الأحرار” أعيد اعتقالهم عام 2014، وأمضوا أكثر من 20 عامًا على فترتين.
وبلغ عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسجن المؤبد 554 أسيراً، وأعلى حكم أسير من بينهم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبداً، وعدد شهداء الحركة الأسيرة بلغ 236 شهيداً، وذلك منذ عام 1967، بالإضافة إلى مئات من الأسرى استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
أما عدد الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم فيبلغ عددهم 12، وهم: أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم استشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر خلال عام 2020، والأسير سامي العمور الذي استشهد عام 2021، والأسير داود الزبيدي الذي استشهد العام 2022، ومحمد ماهر تركمان الذي ارتقى خلال عام 2022 في مستشفيات الاحتلال، إضافة إلى الأسير ناصر أبو حميد، الذي استشهد في ديسمبر/ كانون الأول 2022، والمعتقل وديع أبو رموز الذي ارتقى في مستشفيات الاحتلال في 28 يناير 2023.
الأسرى المرضى
وبلغ عدد الأسرى المرضى أكثر من 700، جميعهم يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، منهم 24 أسيرًا ومعتقلًا على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، أصعب هذه الحالات اليوم حالة الأسير القائد وليد دقّة المعتقل منذ 37 عامًا، والأسير عاصف الرفاعي.
عمليات الاعتقال
ومنذ مطلع العام الحالي 2023، واصل الاحتلال جرائمه وسياساته الثابتة، والممنهجة بحقّ المعتقلين والأسرى وعائلاتهم، وتشكّل جريمة الإعدام الميداني الجريمة الأبرز، والتي استعادتها قوات الاحتلال كنهج خلال أي عملية اعتقال تنفذها ليلًا بحقّ المواطنين، ومن مختلف الفئات، وسجلت المؤسسات المختصة منذ مطلع العام الحالي، نحو 2300 حالة اعتقال حتى الآن.
وتشكل عمليات الاعتقال أبزر السّياسات الثّابتة، والممنهجة التي استهدفت جميع شرائح المجتمع الفلسطينيّ، وبلغ عدد الأطفال المعتقلين منذ مطلع العام الحالي أكثر من 350 غالبيتهم من القدس، فيما بلغ عدد النّساء والفتيات اللواتي تعرضن للاعتقال 40 معتقلة.
وشكلت نسبة عمليات الاعتقال في القدس، الأعلى مقارنة مع بقية محافظات الضفة، حيث تجاوزت حالات الاعتقال خلال العام المنصرم أكثر من 3000 حالة من بين 7000 حالة اعتقال من كل الأرض الفلسطينية، ولم تتوقف فعليًا وتيرة الاعتقالات العالية منذ مطلع العام الحالي، حيث سُجلت أكثر من 1200 حالة اعتقال في القدس وبلداتها، وذلك إلى جانب عمليات الاعتقال، والحبس المنزلي، والإبعاد، وفرض الضرائب، والغرامات، والتعويضات، وهدم المنازل، والحجز على أموال عائلات أسرى داخل سجون الاحتلال، ومحررين، بهدف محاربة الوجود الفلسطيني، وتهجير السكان الأصليين من القدس.
العقاب الجماعي
ويواجه المعتقلون إلى جانب عائلاتهم جرائم ممنهجة يمكن وصفها بأنها جرائم ممتدة ولا تبدأ فعليًا مع عملية الاعتقال فقط بل تمارس بشكل لحظي بحقّ المواطن الفلسطينيّ.
وتشكل سياسة العقاب الجماعي، والاعتداء على المعتقلين وعائلاتهم، والملاحقة المتكررة، والتهديدات، واستخدام العائلة كأداة للضغط على المعتقل، وجريمة التّعذيب في مراكز التّحقيق، والحرمان من أبسط حقوقهم أبرز هذه الانتهاكات، إضافة إلى أوامر منع من لقاء المحامي، واحتجازهم لفترات طويلة في مراكز التّحقيق حتى بعد انتهاء التّحقيق، عدا عن تعرض الجرحى للاستجواب، والتّحقيق داخل المستشفيات، وممارسة الإهمال الطبي بحقّهم.
كما شكّلت جريمة الاعتقال الإداري التعسفيّ أبرز الجرائم التي صعّدت سلطات الاحتلال من تنفيذها والتي تهدف بشكل أساسي إلى تقويض أي نضالية فاعلة وراهنة، فقد تجاوز أعداد المعتقلين الأكثر من ألف وهذه النسبة هي الأعلى منذ عام 2003، وطالت الأطفال والنّساء وكبار السّن والمرضى، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين بين صفوف الأطفال 6 أطفال، وأسيرتان وهما رغد الفني، وروضة أبو عجمية، مع الإشارة إلى أن عدد أوامر الاعتقال التي صدرت بذريعة وجود ملف سري بلغت منذ مطلع العام الحالي أكثر من 860 أمرا، مع التأكيد على أن غالبية المعتقلين الإداريين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال.
تشريعات وقوانين عنصرية
وصعّدت منظومة الاحتلال بجميع مستوياتها لاستهداف الأسرى، عبر أدوات عدة، ومن ضمنها سن قوانين وتشريعات عنصرية تمس مصير الأسرى وعائلاتهم، وكان أبرزها مشروع قانون إعدام الأسرى الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى قانون سحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين ومن الأراضي المحتلة عام 1948.
ولم يكن هذا التشريع العنصري الأول، بل شرّع الاحتلال على مدار سنوات جملة من القوانين العنصرية الخطيرة، التي استهدفت الأسرى، وشكّل قانون سحب الجنسية والإقامة من المناضلين الفلسطينيين الذين مارسوا حقهم في النضال من أجل تقرير المصير، أبرز هذه القوانين العنصرية التي جاءت بها حكومة الاحتلال الأكثر فاشية.
العزل الانفرادي
أما على صعيد واقع الأسرى داخل سجون الاحتلال، فاستمرت أجهزة الاحتلال وعلى رأسها إدارة سجون الاحتلال بتنفيذ سياساتها الثابتة، والممنهجة بحقّ الأسرى والأسيرات ومنهم الأسرى الأطفال، وأبرزها جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، التي تشكّل اليوم أبرز هذه الجرائم، وكان آخر ضحايا الإهمال الطبي، الشهيد أحمد أبو علي من الخليل، الذي استشهد في شهر فبراير من العام الحالي.
كذلك تصاعدت سياسة العزل الانفرادي، بشكل ملحوظ منذ 2021 حتّى اليوم، وتحديدًا بعد عملية “نفق الحرية” البطولية، ويبلغ عدد الأسرى الذين يواجهون العزل الانفرادي اليوم نحو 35 من بينهم أسرى مرضى يعانون من أمراض نفسية، وصحية مزمنة، من بينهم الأسير أحمد مناصرة الذي يواصل الاحتلال اعتقاله، وعزله رغم ما وصل إليه من وضع صحي ونفسي خطير، ونذكر هنا كذلك أقدم الأسرى المعزولين في سجون الاحتلال، الأسير محمد خليل الذي يواجه العزل الانفرادي منذ أكثر من 15 عامًا.
يضاف إلى هذه السياسات، عمليات الاقتحام لأقسام الأسرى، والتنكيل بهم، فمنذ أواخر العام المنصرم ومع مطلع العام الحالي، سُجلت العديد من الاقتحامات لأقسام الأسرى في سجون عدة، وتصاعدت فعليًا بالمقارنة مع الأشهر التي سبقت شهر نوفمبر 2022، وبلغت حدتها في نهاية شهر يناير من العام الحالي، حيث سُجلت اقتحامات عدة في يوم واحد، وفرضت عقوبات جماعية على الأسرى، بما فيها عملية عزل جماعية.
كما واصلت سلطات الاحتلال وضع العراقيل أمام زيارات عائلات الأسرى وحرمان الآلاف من أفراد عائلاتهم، أو حرمان الأسرى (كعقوبة) تفرضها بحقهم، أو بسبب انتمائهم الحزبي كما يحدث مع عشرات الأسرى من غزة، حيث تتعمد إدارة السّجون بتحويل أي حقّ إلى أداة لفرض مزيد من إجراءات التّنكيل بحقّ الأسرى، ولم تتوقف يومًا عن (ابتكار) أدوات لعرقلة زيارات الأسرى، والتّنكيل بذويهم.
عصيان
ونفّذ الأسرى على مدار شهر فبراير وحتى 22 مارس، من العام الحالي، سلسلة خطوات احتجاجية، تمثلت بخطوات عصيان يومية طالت كل مناحي الحياة الاعتقالية، رفضًا لجملة الإجراءات التي أعلن الوزير المتطرف بن غفير بحقّ الأسرى، والتي استهدفت تفاصيل عديدة منها كمية المياه المسموح للأسرى استخدامها، وساعات الاستحمام، والخبز، وأخذت خطوات الأسرى، خصوصيتها مع الواقع السّياسي الذي تحاول فرضه حكومة الاحتلال الأكثر تطرفًا، باستهداف كل ما تبقى للأسرى.
وفعليا بعد مواجهة استمرت 37 يومًا، تمكّن الأسرى باتفاق مع إدارة السّجون من دفعها إلى التراجع عن إجراءاتها التي أعلنت عنها، إلا أنّ هذا لا يعني أنها توقفت عن العديد من السّياسات التّنكلية بحقّ الأسرى، والتي أصبحت جزءًا من منظومة السّجون الإسرائيلية.
وتؤكد مؤسسات الأسرى مجددًا وفي ظل العدوان المستمر على الشعب الفلسطينيّ، أن على المؤسسات الحقوقية الدولية أن تحمي جوهر عملها الإنساني والحقوقي بالانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال على مدار عقود طويلة، نفّذ خلالها جرائم لا تُعد ولا تحصى، ومع ذلك فإن المواقف الدولية بقيت خجولة، واليوم وتحديدًا في ظل المتغيرات الدولية التي نشهدها، تكشف مجددًا سياسة الكيل بمكيالين، وعليه فإننا نطالب مجددًا بحماية دولية في ظل ما نشهده من عدوان وقتل العشرات من الفلسطينيين واعتقال المئات، واتخاذ قرارات رادعة لجرائم الاحتلال.