كرم جبر يكتب: مرحباً سوريا
الصباح العربيدمشق.. من أجمل البلدان التى زرتها فى حياتى، وأتذكر آخر مرة كانت في 2009، قبل أن تمتد إليها مؤامرات اللئام التى عصفت بجمالها وسحرها.
ما زلت أتذكر يوم الجمعة والصلاة فى المسجد الأموي، الذى يشبه إلى حد كبير الجامع الأزهر، وأجمل ما فيه الأسقف المرصعة بالزجاج الملون، الذى يعكس أشعة الشمس، ويجعلها كتلة من الألوان المضيئة.
وأذان الجمعة في المسجد الأموى لا يؤديه مؤذن واحد، بل أكثر من خمس مجموعات من المنشدين موزعين فى مختلف الأركان ويتناوبون مقاطع الأذان، مما يجعله واحداً من أفخم المساجد الإسلامية، وأحد عجائب الإسلام السبعة فى العالم .
وتكتمل المتعة الروحية بزيارة قبر صلاح الدين المجاور للمسجد الأموى، والضريح المصنوع من خشب الجوز المنقوش بزخارف وكتابات أيوبية، وساحته الخارجية المبلطة بالأحجار والبحيرة والأشجار المثمرة.
وسيراً على الأقدام وصلت إلى سوق البضائع القديمة وفيه بعض التحف والأنتيكات والسيوف والأسلحة والفضيات وأجهزة الراديو الخشبية، وغيرها من الأشياء الثمينة التي تحتاج ساعات لاستعراض ما فيها.
وبالقرب سوق الحميدية الأكبر والأشهر، ولفت نظرى بشدة الشوارع المبلطة بالأحجار والأسقف المغطاة وكأنك تسير في معبد كبير، وأجمل ما فيه دكاكين تبيع الورود المجففة، ووصفات للأمراض التي تعالجها وتفوح منها روائح طيبة.
وفى سوق الحميدية، تسمع دائماً كلمة «أنت مصرى» وعبارات الترحيب والثناء، ويحملون لمصر والمصريين كل المشاعر الطيبة.
إنها دمشق الجميلة.. أجمل بلدان الدنيا بعماراتها الأنيقة التي لا تتجاوز أربعة أدوار، تماماً مثل مصر الجديدة في الستينيات، وشوارعها الرحبة المزروعة بالأشجار والورود.
هذه هي دمشق الجميلة التي زرتها وما زالت صورتها تمر أمامي بشوارعها ومساجدها ونهر بردي الذي يمر في الحواري والشوارع الضيقة وسط الناس، وتحولت إلى مدينة للحرب والقتل والدمار و داعش والجماعات الإرهابية، فتفتتت وحدتها وتشرد شعبها.
كانت سعادتى بالغة وأنا أتابع قرار الجامعة العربية بعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة بعد غياب 12 عاماً، لتبدأ مسيرة استعادة الأمن والهدوء والاستقرار، وتحقيق تطلعات الشعب السوري وعودته إلى بلاده.
سنوات قاسية وأيام مريرة وإرهاب أسود وجماعات إجرامية استنزفت قوى سوريا وعرضت وحدة أراضيها للتقسيم، ولكن لأنه شعب عظيم ظل صامداً، يدفع فاتورة باهظة من أرواح ودماء أبناء شعبه، ولم يفقد أبداً حلم استعادة سوريا.
كانت مصر منذ اللحظات الأولى مع سوريا الموحدة، ورفضت أن تتلوث يدها بنقطة دماء واحدة من أبناء الشعب السورى ورحبت بالتسوية السياسية بين الأشقاء، وفتحت قلبها ومدنها لاستقبالهم والترحيب بهم.
نقلا عن اخبار اليوم