مقالات ورأى

أكرم القصاص يكتب: القمة الروسية الأفريقية الحرب والسلام والتعاون والتنمية

الصباح العربي

تأتى القمة الروسية الأفريقية الثانية، فى ظرف دولى بالغ الدقة والحساسية، يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب، بجانب استمرار انعكاسات الازمة العالمية فى الغذاء والطاقة والنقل، انعقدت القمة الروسية الأفريقية الأولى فى عام 2019، فى ظل رئاسة مصر لاتحاد الأفريقى، ولم تكن هناك حرب وإن كان العالم واجه أزمة كورونا، وقتها حرصت مصر على أن تتحرك أفريقيا جماعيا فى التجمعات الإقليمية والدولية، وتسعى لطرح مطالبها وحقها فى التنمية، وبالفعل تمت قمم أفريقيا أوروبا واليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكن الاستقطاب العالمى بهذه الحدة.

ثنائيا، بالطبع فإن العلاقات بين مصر وروسيا قوية وتشمل العديد من المجالات مثل التعاون فى مجال الطاقة وإنشاء المنطقة الاقتصادية الروسية فى مصر، وهى علاقات تقترب من 80 عاما، واستمرت على مدار عقود، خاصة فى مجالات الصناعة والتبادل التجارى، والشراكة الاقتصادية والفنية، وأكد الرئيس فى كلمته التزام مصر باستمرار انخراطها بشكل جاد ومخلص فى جهود تعميق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا، إيمانا بالفرص وتوسيع مساحات التعاون القائم بين الشركات المصرية ونظيرتها الروسية.

وعلى المستوى القارى من خلال رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقى للتنمية «النيباد»، وكذا ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقى، لتدعيم جهود تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية، وبالتالى فإن القمة الروسية الأفريقية نتاج هذا التعاون، بجانب حرص مصر على أن تكون أفريقيا موجودة وفاعلة فى العالم، بما يناسب عدد سكانها وقدراتها التى تتطلب دفعا نحو التنمية.

حيث شهد العالم أزمة كورونا، ثم الحرب فى أوكرانيا، والتى انعكست على الطاقة والغذاء وسلاسل النقل والإمداد، وحسب توصيف الرئيس السيسى، فإن: «التغيرات الجارية باتت تمس القواعد الرئيسية التى بنى على أساسها النظام الدولى بمفهومه الحديث، وتقف دول أفريقيا فى خضم ذلك، لتواجه عددا ضخما من التحديات، التى تؤثر على قدرتها على استكمال مسارها التنموى، وتُهدد مُحددات أمنها، وحقوق الأجيال القادمة، وبحيث باتت شعوبنا تتساءل بشكل مشروع عما لدينا من أدوات وما نقوم به من إجراءات للتصدى لهذه التحديات، وتأمين مستقبل آمن لهم».

كان الرئيس السيسى يطرح وجهة نظر أفريقيا، وهو ذاته ما أشار إليه رؤساء 17 دولة فى كلماتهم، وأيضا ممثلو الـ47 دولة الحاضرة فى القمة، الرئيس السيسى، طرح - فى كلمته - رؤية مصر بشأن الظرف الدولى الراهن، مؤكدا أن الدول الأفريقية ذات سيادة، وإرادة مستقلة، تريد التنمية والأمن، ويتعين أن تبقى بمنأى عن مساعى الاستقطاب فى الصراعات القائمة.

الرئيس شدد على أهمية تطبيق قواعد العدالة والمواثيق الدولية، وأهمية إصلاح النظام العالمى، ليكون أكثر تعبيرا عن مصالح الشعوب، وقادرا على تطبيق قواعد عادلة فى الصراعات، بما يحافظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها، بجانب ضرورة التعامل مع جذور ومسببات الأزمات، لا سيما تلك المتعلقة بمحددات الأمن القومى للدول، وعدم توظيف العقوبات الاقتصادية خارج آليات النظام الدولى متعدد الأطراف، مصر لديها وجهة نظر متوازنة فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية.. ترفض الغزو، والعقوبات غير العادلة.

ومعروف أن الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربا بين طرفين ولكنها بين معسكرين، وتنعكس تأثيراتها على العالم بشكل كبير، وعلى أفريقيا والدول الفقيرة بشكل خاص، وهو ما يحتم ضرورة بناء علاقات متوازنة تسمح بتنويع العلاقات الاقتصادية وتفتح أبواب الشراكات والاستثمارات.

الرئيس السيسى دعا إلى ضرورة الأخذ فى الاعتبار احتياجات الدول النامية، وعلى رأسها دول القارة الأفريقية فيما يتعلق بالتداعيات شديدة الوطأة على اقتصاداتها جراء الصراعات والتحديات القائمة، وبالتحديد فى محاور الأمن الغذائى، وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة، وإيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والإنتاج الغذائى فى أفريقيا، ودعا إلى التوصل لحل توافقى بشأن اتفاقية تصدير الحبوب يضع فى الاعتبار مطالب جميع الأطراف ومصالحهم ويضع حدا للارتفاع المستمر فى أسعار الحبوب.

لقد شهدت قمة «روسيا - أفريقيا» خطوات لبناء فرص، ودعم التنمية فى أفريقيا بما يضمنن استفادة أفريقيا وروسيا، ضمن تعاون يوسع مجالات الشراكة وتوازن المصالح.

نقلا عن اليوم السابع

أكرم القصاص يكتب القمة الروسية الأفريقية الحرب والسلام والتعاون والتنمية