نزوح سكان غزة.. مخطط الاحتلال يواجه موجة رفض عالمي
الصباح العربييبدو أن إسرائيل باتت قريبة من خسارة التعاطف العالمي الذي حظيت به عقب عملية «طوفان الأقصى»، التي نفذتها كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس، السبت الماضي، بسبب الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال تجاه المواطنين في غزة والسعي إلى تهجير سكانه إلى جنوب القطاع.
تدمير لا محدود للقطاع
حيث أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجمعة، أن عملية طوفان الأقصى، لا يمكنها تبرير «التدمير غير المحدود» الذي تقوم به إسرائيل في قطاع غزة.
وطالبت اللجنة، في بيان لها، بعدم تجاهل الالتزامات القانونية فيما يتعلق بالأساليب والوسائل المستخدمة لشن الحرب، مكررة الدعوة لحركة حماس بالإفراج عن الرهائن الذين بحوذتهم.
وأكد البيان أن التعليمات التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية لسكان مدينة غزة بمغادرة منازلهم فورًا، بالإضافة إلى الحصار الكامل الذي يحرمهم صراحةً من الغذاء والماء والكهرباء، هي إجراءات لا تتوافق مع القانون الإنساني الدولي.
وقال البيان: «الترحيل القسري للمواطنين من قطاع غزة يخالف القانون الإنساني الدولي».
وأضافت اللجنة: «عندما تأمر السلطات العسكرية الناس بمغادرة منازلهم، يجب اتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان حصول السكان على الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء وعدم فصل أفراد الأسرة الواحدة».
معاقين ومرضى وكبار سن
وأوضحت اللجنة أن غزة منطقة مغلقة ذات حجم وموارد محدودة، وليس لدى ساكنوها مكان آمن يذهبون إليه، ولن يتمكن الكثيرون، بما في ذلك المعاقين وكبار السن والمرضى، من مغادرة منازلهم. وشددت بالقول: «يحمي القانون الإنساني الدولي جميع المدنيين، بما في ذلك أولئك الذين بقوا.. واليوم، من المستحيل على سكان غزة أن يعرفوا أي المناطق ستواجه الهجوم التالي».
«حتى الحرب لها قواعد»
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن نقل أكثر من مليون شخص في غزة عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان إلى جنوب القطاع حيث لا يوجد غذاء أو ماء أو أماكن إيواء -عندما تكون المنطقة بأسرها تحت الحصار- «أمر خطير للغاية» وقد لا يكون ممكنا في بعض الحالات.
وأكد، في بيان، الحاجة لضمان الوصول الإنساني الفوري بأنحاء غزة، لإدخال الوقود والغذاء والماء لكل المحتاجين، قائلا «حتى الحرب لها قواعد»، مشددا على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وحماية المدنيين وعدم استخدامهم أبدا كدروع.
فيما قال المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، روبرت مارديني، إنه لا يمكن لأطراف النزاع اختيار قواعد القانون الدولي الإنساني التي يجب اتباعها دون الأخرى، مؤكداً أن هذه القواعد غير قابلة للتفاوض.
وأضاف مارديني، خلال تدوينة على عبر منصة إكس: «الهجمات على المدنيين ليست مبررة على الإطلاق وليس هناك مجال للمعاملة بالمثل.. ويجب أن تتوقف دوامة المعاناة هذه».
كذلك طالب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز لينارسيتش، بضرورة احترام القانون الإنساني الدولي.
وأوضح في تدوينة له أن إسرائيل «لها الحق في الدفاع عن نفسها»، لكن «يجب أن تمارس هذا الحق بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي».
وشدد على ضرورة حماية المدنيين، مضيفًا أنه «يجب عدم استهداف البنية التحتية الحيوية.. ويجب ضمان الوصول الآمن وغير المقيد للمساعدات الإنسانية».
عملية إجلاء مستحيلة
كذلك، قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن دعوة إسرائيل إلى إجلاء أكثر من مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة خلال يوم واحد أمر «مستحيل تماما تنفيذه».
وأضاف: «أقول بصفتي ممثلا للموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي … إن عملية الإجلاء من المستحيل تماما تنفيذها»، متابعا: «تصور إمكانية نقل مليون شخص في 24 ساعة في وضع مثل وضع غزة لا يمكن سوى أن يشكل أزمة إنسانية»، بحسب فرانس برس.
11 سبتمبر
وفي مقال له على صفحات «الغارديان» البريطانية، حذر المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كينيث روث، إسرائيل من خسارة التعاطف العالمي معها، وأن يتحول هذا التعاطف إلى غضف جراء عدوانها على غزة.
وأوضح، أن مصادر إسرائيلية عدة وصفت طوفان الأقصى بأنه «11 سبتمبر»، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة فقدت التعاطف العالمي معها ومكانتها الأخلاقية حين تحول ردها على هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 إلى حرب شديدة التعسف في العراق، وتعذيب منهجي، واعتقال لا نهاية له دون محاكمة في غوانتانامو».
ولفت إلى أنه رغم الاستنكار والإدانة الدولية لعملية حماس، إلا أنه أكد على أن الفلسطينيين يشعرون بالإحباط لأسباب مفهومة مع استمرار حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة في توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، ومحاصرة شعب غزة بحصار عقابي، وفرض حكم تمييزي وقمعي على ملايين الفلسطينيين تحت وطأة الحصار.
انتهاك القانون الدولي
وأشار إلى أن «المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي أن جرائم الحرب التي يرتكبها أحد الطرفين لا تبرر جرائم الحرب التي يرتكبها الطرف الآخر.
وبالنظر إلى العواطف والاتهامات والاتهامات المضادة لمعظم الحروب، فإن واجب الامتثال للقواعد المصممة لتجنيب المدنيين قدر الإمكان مخاطر الحرب هو واجب مطلق، ولا يتوقف على سلوك المعارضين».
وتابع: «يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تنتهك هذه القواعد بالفعل.. إن الحصار المعلن لغزة، والذي يمنع الغذاء والماء والكهرباء، ينتهك واجب السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين، كما هو الحال بالتأكيد مع سكان غزة الذين يعانون من القصف الإسرائيلي الضخم».
وأضاف أنه في اليوم الأول من تلك الغارات الجوية، استهدف الجيش الإسرائيلي أربعة أبراج سكنية كبيرة، وفي الماضي، بررت إسرائيل مثل هذه الهجمات بتواجد عناصر حماس وسط تجمعات سكنية، إلا أن التكلفة المترتبة على تشريد مئات الفلسطينيين غير متناسبة على الإطلاق، خاصة مع التقارير المتواترة عن استهداف المدنيين، كما أعلنت الأمم المتحدة تعرض مستشفيات للقصف.
معاقبة المدنيين
واستطرد أن التقارير الواردة من غزة تفيد بأن الجيش الإسرائيلي يقوم بتسوية الأحياء بالأرض في هجمات تظهر تصميم إسرائيلي واضح على معاقبة المدنيين أكثر من استهداف مقاتلي حماس.
كذلك، أشار إلى أن هناك أيضاً أمر قاسٍ وغريب في التحذير الذي وجهه الجيش الإسرائيلي لسكان غزة، حيث طلب من سكان الشمال الذهاب إلى الجنوب، أي من حي مكتظ بالسكان إلى حي آخر مثله ويتعرض أيضا للقصف، حيث يتم قصفهم بالتناوب وقصفت معبر رفح على الحدود المصرية، وتساءل: «إذا هرب الناس من غزة، فهل ستسمح لهم إسرائيل بالعودة؟ أم ستكون هذه رحلة أخرى في اتجاه واحد كما حدث في عام 1948؟».