نشأت الديهي يكتب: مايلزم فى «بحر القلزم»
الصباح العربي
عادت قضية الممرات الملاحية والمضايق البحرية الى صدارة المشهد الدولى مجددا بعد عمليات احتجاز واختطاف عدد من السفن البحرية المارة ببحر القلزم أو البحر الأحمر، اعترفت جماعة الحوثى اليمنية بمسئوليتها عن هذه العمليات بل وقامت ببث مواد فيلمية مصورة بحرفية أثناء مراحل التنفيذ والسيطرة والاقتياد وكان البث على سبيل الفخر والاستعراض من ناحية والتحذير الجدى والانذار الزاعق من ناحية أخرى ، الحوثى أعلن أنه لا يستهدف من حركة الملاحة الا السفن المتجهة او القادمة من والى الموانيء الاسرائيلية فقط دون غيرها، كما تم الإعلان عن الهدف الرئيس من هذه العمليات هو وقف الحرب الدائرة برعاية امريكية على قطاع غزة ، من هذه النقطة يبرز تساؤل مهم من الناحية القانونية، فوفقا لاتفاق جنيف عام 1959 فى مادته 15 جاء تعريف القرصنة البحرية بأنه « إتيان أعمال اكراه فى البحر العام دون وكالة مشروعة وخارج اختصاص أى دولة « هل هذا التعريف ينسحب على جماعة الحوثى المصنفة جماعة ارهابية؟
وما هو التوصيف القانونى لما يجرى من جماعة من الدولة اليمنية تسيطر على معظم الدولة ومنها العاصمة صنعاء؟ وهل تحمل جماعة الحوثى أجندة يمنية أم انها جزء من الأجندة الايرانية؟ وهل التواصل مع جماعة الحوثى يتم مباشرة أم عن طريق تحويلة وسويتش من طهران؟، فإيران وعلى مدار الشهور الماضية تعلن استعدادها لتدوير الزوايا مع جيرانها العرب فى الخليج وانخرطت مع السعودية فى عملية تطبيع برعاية صينية معلنة ، كما أن لقاءات متعددة جمعت كبار المسئولين الايرانيين مع نظرائهم المصريين فى أكثر من مناسبة ووصلت قمة المقابلات بلقاء جمع الرئيس السيسى والايرانى ابراهيم رئيسى فى السعودية ، هذا النهج الايرانى الاصلاحى يتناقض فى باطنه مع تحركات الاذرع الايرانية فى الاقليم ومنها جماعة الحوثى التى تعلن أن عملياتها فى البحر الاحمر تاتى لمساندة الفلسطينيين ، لكن الواقع أن هذه التحركات والحوادث والاحداث قبالة السواحل اليمنية وأمام مضيق باب المندب يهدد الملاحة الدولية برمتها ولا تتأثر به إسرائيل كما هو مستهدف ، فاسراييل لديها دعم غير مشروط ولا تحدده أو تحده ارتفاع التكلفة لعمليات نقل المساعدات او الاسلحة ، هناك مسارات بديلة عديدة ومكلفة بالطبع لكن إسرائيل لا تتحمل هذه التكاليف بل تتحملها الولايات المتحدة ، فالخاسر الاكبر هو الملاحة العالمية وارتفاع تكاليف التأمين البحرى وتحول الحركة او جزء منها الى رأس الرجاء الصالح وهنا تكون قناة السويس هى الأكثر تضررا ومن ثم تدفع مصر فواتير الحسابات الخاطئة لمن يدير وينفذ عمليات القرصنة البحرية فى جنوب البحر الاحمر ، مصر من جانبها تحمل وتتحمل الكثير من تبعات كل ما يجرى حولها ، سواء بشكل مباشر كما فى غزة وبشكل غير مباشر باستقبال اللاجئين والفارين من مناطق الصراع فى السودان واليمن وليبيا وسوريا والعراق وبعض الدول الافريقية ، كذلك مصر لا تريد توسيع دائرة الصراع ليمتد الى مناطق نائية وبعيدة عن مركزه لذلك تستخدم أقصى درجات ضبط النفس والحكمة البالغة والصبر الاستراتيجى ، فى نفس الوقت هناك نية او اتجاه لتشكيل قوة دولية لمواجهة القرصنة وحماية الملاحة فى البحر الاحمر ومضيق باب المندب ، فى تقديرى أن العمليات العسكرية والامنية لن تحقق المطلوب ، لكن الوضع يلزم الدخول فى حلول سياسية فورية ، وهنا اجمل بعضا من الرؤى التى تجعل الحلول السياسية ممكنة :
> وقف اطلاق النار فى غزة.
> ادخال المساعدات الانسانية دون شروط.
> الانخراط فى مفاوضات الحل النهائى لإنشاء الدولة الفلسطينية.
> الوصول إلى تسوية عاجلة وعادلة وسلمية للأزمة اليمنية فأصوات المدافع لن تحل الأزمة بل تفاقمها.
> ربط التطور فى العلاقات مع إيران بوقف تمويلها وإدارتها للميليشيات التى تشمل العواصم العربية فى لبنان واليمن وسوريا وربما العراق.
فى تقديرى ان الحديث عن القرصنة يفتح أمامنا الباب على تاريخ هذه الشعوب الحرفة التاريخية التى فطن المصريون الفراعنة إلى خطورتها منذ ٠٠٩١ قبل الميلاد وكانوا يسمون القراصنة «شعوب البحر أو أجانب البحر» وغدا نكمل.
نقلا عن جريدة الجمهورية