بلا غذاء وماء ومراحيض.. معاناة النازحين في المخيمات الجديدة بغزة
الصباح العربيرصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية الظروف القاسية التي يكابدها النازحون من رفح الفلسطينية في الخيام قرب خان يونس والمواصي جنوب قطاع غزة، التي تفتقر إلى كل مقومات الحياة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن التحليق فوق صفوف الخيام على الكثبان الرملية الممتدة من البحر الأبيض المتوسط في خان يونس، يعيد للأذهان الأوقات الأفضل في غزة، قبل العدوان الإسرائيلي.
والآن، أصبحت المقاهي والممرات والقطار المصغر في مدينة ملاهي "أصداء" محجوبة بمئات الملاجئ، التي أقامها نحو نصف مليون نازح جدد شقوا طريقهم إلى هذا الشريط الساحلي الرملي بالقرب من مدينة خان يونس، مع استمرار العدوان الإسرائيلي شمال وجنوب غزة.
ونقلت الصحيفة عن الطفلة ماسة العربيد، 10 سنوات، التي وصلت خيام النازحين المنصوبة في خان يونس، من مدينة غزة مع شقيقها وأمها: "اضطررنا إلى ترك الكثير خلفنا لأن هذه ربما تكون المرة السادسة التي ننتقل فيها".
وتحدثت الطفلة عن حياتها الجديدة في المخيمات بخان يونس، قائلة: "لا توجد ألعاب أو دمى للعب بها، أو حتى منزل للاحتماء به، ولأننا نتنقل كثيرًا فقدت الاتصال بجميع أصدقائي ولا أعرف شيئًا عنهم".
ويشعر أغلب سكان "مدينة الخيام" التي ترتفع بين الكثبان الرملية والحقول، بالقلق الدائم، من التعرض للإصابة أو المرض، ويعانون الجوع والعطش في كثير من الأحيان، واستمرار البحث عن مأوى من الهجوم الإسرائيلي المتواصل الذي وصل رفح الفلسطينية.
وانتقل 100 ألف آخرين من شمال غزة، إذ استأنف جيش الاحتلال عدوانه، بزعم استهداف مقاتلي حماس الذين عادوا إلى المناطق التي تم تطهيرها.
ولفتت "الجارديان" إلى أن المسؤولين الإسرائيليين زعموا أنه "سيتم تقديم المساعدات الإنسانية الدولية حسب الحاجة للأعداد الهائلة من النازحين، لكن الواقع يبدو مختلفًا تمامًا".
وذكرت الصحيفة، أن الكثيرين من النازحين يضطرون إلى السير مسافات طويلة للحصول على الماء، ولا يستطيعون شراء ما يكفي من الغذاء، مشيرة إلى أن سعر كيلو السكر الواحد يبلغ 12 دولارًا أمريكيًا (9.50 جنيهًا إسترلينيًا)، أي نحو 6 أضعاف ما كان عليه قبل أن يبدأ جيش الاحتلال هجومه على رفح الفلسطينية قبل أسبوع. وارتفعت أسعار الملح والقهوة بمقدار 10 أضعاف، علاوة عن مشكلة نقص المال، مع إغلاق البنوك.
وصابرين، 28 عامًا، والأم لثلاثة أطفال، نزحت أربع مرات بعد أن غادرت منزلها في بيت لاهيا شمال غزة، ووصلت الساحل في خان يونس جنوب القطاع، وتقول للجارديان: "هذه ليست حياة أي إنسان عادي، لا يوجد شيء، لا ماء ولا طعام ولا رعاية صحية ولا حتى مرحاض. يسألني أطفالي عما إذا كان بإمكانهم الحصول على البطاطس فحسب، ولكن ليس لدينا المال الآن. كل ما لدينا هو أغذية معلبة توزعها الأمم المتحدة".
وأضافت: "أصيب أطفالي بالفعل بالأنفلونزا والحمى والتهاب الكبد. إنهم ضعفاء الآن، وليس هناك ما يكفي من المضادات الحيوية، لذلك أنا قلقة للغاية”.
على بعد بضعة أميال إلى الجنوب من "مخيم النازحين في خان يونس، تقع المواصي، التي كانت في السابق بلدة ساحلية صغيرة. وتستغرق الرحلة إلى هناك ساعتين على طريق مزدحم بالسيارات والشاحنات والعربات الصغيرة وحتى الدراجات التي تنقل النازحين".
ووصف عمال الإغاثة في المواصي، التي كانت ملجأ لعدة أشهر للفارين من العدوان الإسرائيلى، الظروف "المروعة والمهينة للإنسانية"، مع محدودية الطعام والمياه القذرة والشحيحة، ومرافق الرعاية الصحية المكتظة، وانعدام الصرف الصحي تقريبًا.
وقال جيمس سميث، وهو طبيب طوارئ بريطاني يعمل في جنوب غزة: "إن رائحة الصرف الصحي في مخيمات النازحين الأكثر ازدحامًا خانقة. وهناك نفايات صلبة متراكمة على جانب الطريق، بسبب عدم وجود عدد كافٍ من الموظفين لتشغيل مركبات التخلص من النفايات القليلة. لقد أصبح الناس أكثر مرضًا".
وقال طبيب آخر، إن الساحل مكتظ تمامًا، مع كتلة تلو الأخرى من الخيام ولا يوجد سوى فجوات ضيقة بينهما. لا توجد بنية تحتية داخل المخيمات والإمدادات الجديدة التي تصل بالطبع محدودة للغاية.
واستشهد أكثر من 35 ألف فلسطيني، كثيرون منهم نساء وأطفال، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في 7 أكتوبر، وفقًا للسلطات الصحية في غزة.
ونزحت رأفت فرحات، وهي مُعلمة مُتقاعدة تبلغ من العمر 64 عامًا، إلى المواصي قبل ثلاثة أيام، حيث نامت في العراء حتى تمكنت أسرتها من بناء مأوى.
وكانت المُعلمة فقدت أكثر من 30 من أقاربها جراء القصف الإسرائيلي و"لا يزال معظمهم تحت الأنقاض".
وقالت: "لم نتخيل أبدًا أننا سننتهي بالعيش بهذه الطريقة. الآن، تبدو الحياة مع الكهرباء والماء والغذاء والمأوى وكأنها حلم".
ويقول غالبية أولئك الذين نزحوا إلى الساحل الجنوبي لغزة، صغارًا وكبارًا على حدٍ سواء، إن رغبتهم الكبرى الآن هي الحياة دون خوف.
وقالت الطفلة ماسة العربيد، إنها تخشى أن تتعرض عائلتها "للقصف أو أن يحدث لنا شيء ما"، كما أنها "تخشى فقدان والدها المصاب أو أعمامها المصابين الذين ما زالوا في مدينة غزة".