علي جمعة: رؤية جمال سيدنا النبي أثر كبير في الارتقاء بحياة الناس
الصباح العربيقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن لرؤية جمال سيدنا رسول الله ﷺ أثر كبير في ارتقاء الناس في الدنيا والآخرة، فبرؤيته يرقى العبد في مراقي العبودية إلى الله مدارج لا يعلمها إلا الله, ومن هذا ما أجمع عليه المسلمون من أنه لا يسمى الصحابي بهذا الاسم إلا بلقائه رسول الله ﷺ واجتماعه بجسده الشريف, وإن كان معه في عصره فقط لا يعتبر صحابيا. فقد ارتفع الصحابة منزلة على رءوس العالمين بسبب اجتماعهم به ﷺ, ورؤيتهم لرسول الله ﷺ والنظر إليه, وكذلك كانت رؤية صورته الشريفة في المنام من أكبر منن الله على المسلم الصادق إذ يقول ﷺ : "من رآني في المنام فقد رآني" (أخرجه البخاري ومسلم).
وقد تعجب أصحابه من جماله, ومدح ذلك الجمال فيه ﷺ, فقد قال حسان بن ثابت:وأجمل منك لم تر قط عيني * وأكمل منك لم تلد النساءخلقت مبرءا من كل عيب * كأنك قد خلقت كما تشاء
فكان هذا الجمال المغطى بالجلال, والمكسو بجميل الخصال وحميد الخلال سببا في دخول الإيمان قلب كل صادق غير متبع لهوى. وكان أصحابه يعظمونه ويهابونه ويقومون لهذا الجمال والجلال تأدبا منهم, وعجزوا عن ترك القيام برغم أن النبي ﷺ نهاهم عن ذلك القيام أخرجه أبو داود في سننه لشدة جماله وبهائه ﷺ فقال حسان:قيامي للحبيب علي فرض * وترك الفرض ما هو مستقيمعجبت لمن له عقل وفهم * ويرى ذاك الجمال ولا يقوم
ورؤية رسول الله ﷺ تحتاج إلى تصوره وتخيله, وهذا لا يكون إلا إذا علمت أوصافه وشمائله, ولم يصف رسول الله ﷺ كثيرون لما كان يعلوه ﷺ من الجلال, فكانوا لا يستطيعون النظر إلى وجهه الكريم, فقد وصفته أم معبد, وهند بن أبي هالة, وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم, فأما حديث أم معبد فتقول: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة, أبلج الوجه -مشرق الوجه- ، لم تعبه نحلة -نحول الجسم- ، ولم تزر به صعلة -والصعلة صغر الرأس, وخفة البدن ونحوله- ، وسيم قسيم ، حسن وضئ ، في عينيه دعج -شدة السواد- ، وفي أشفاره وطف -طويل شعر الأجفان- ، وفي صوته صهل -بحة وحسن- ، وفي عنقه سطع –طول- ، وفي لحيته كثاثة -كثافة الشعر- ، أزج أقرن -حاجباه طويلان ورقيقان ومتصلان- ، إن صمت فعليه الوقار, وإن تكلم سماه وعلاه البهاء, أجمل الناس وأبهاهم من بعيد, وأجلاهم وأحسنهم من قريب, حلو المنطق, فصل لا نزر ولا هذر -كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير- , كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن, ربعة لا تشنؤه من طول, ولا تقتحمه عين من قصر -ربعة ليس بالطويل البائن ولا القصير- ، غصن بين غصنين -فهو أنضر الثلاثة منظرا , وأحسنهم قدرا- , له رفقاء يحفون به, إن قال أنصتوا لقوله, وإن أمر تبادروا لأمره, محشود محفود -عنده جماعة من أصحابه يطيعونه- ، لا عابس ولا مفند -غير عابس الوجه- , وكلامه خال من الخرافة (رواه الطبراني في الكبير). وسوف نذكر تفاصيل حسنه ﷺ ووصف جسده, كل جزئية بأثر خاص بها, حتى نتخيل صورته الشريفة عسى الله أن يرزقنا رؤيتها في الدنيا والآخرة.