منوعات

روحانيات رمضانية..مقام الصحابي الجليل زيد بن حارثة يزين بلدة مؤتة بمحافظة الكرك جنوبي الأردن

الصباح العربي

على بعد 140 كم جنوبي العاصمة الأردنية عمان، تقع بلدة مؤتة ضمن لواء المزار الجنوبي في محافظة الكرك وتبعد عن مدينة الكرك نفسها مسافة 12 كم، وتمثل نقطة إسلامية تاريخية بامتياز وموقعا سياحيا دينيا بجنوب المملكة الأردنية الهاشمية..تلك المدينة التي أخذت اسمها من غزوة مؤتة وهي تمثل أهم معالم السياحة الدينية وهي مكان استشهاد القادة الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضوان الله عليهم جميعا، والذين نقل رفاتهم من أرض المشهد "أرض المعركة" إلى المزار ودفنوا فيها ومن أهم الآثار الإسلامية في بلدة مؤتة بمحافظة الكرك الأردنية.

وسط هذه المقامات أو الأضرحة كما يطلق عليها في عند عامة الناس، يوجد مقام الصحابي الجليل زيد بن حارثة القائد الأول في غزوة مؤتة والمشهور في التاريخ الإسلامي، ويعد من أشجع فرسان العصر الإسلامى، حيث قاد غزوات ويتمتع بشجاعة مفرطة فى جميع المعارك التي شارك فيها، وعرف عنه أنه أمهر الرماة الذين شهدوا غزوة بدر.

زيد بن حارثة بن شراحيل من بني قضاعة، اشتراه حكيم بن حزام في سوق حباشة، وهي سوق بناحية مكة كانت مجمعا للعرب يتسوقون بها في كل سنة، اشتراه حكيم للسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فوهبته السيدة خديجة لرسول الله "ص"، فتبناه بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثماني سنين.

وفى كتاب سير أعلام النبلاء، لشمس الدين الذهبي، في غزوة مؤتة، أنه لما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم، فأخذ زيد بن حارثة اللواء فقاتل وقاتل معه المسلمون حتى قتل طعنا بالرماح رضي الله عنه، وقال: فصلى عليه رسول الله "ص"، أي دعا له، وقال: "استغفروا لأخيكم، قد دخل الجنة وهو يسعى".

وكان جيش المسلمين فى هذه الغزوة، مكون من ثلاثة آلاف مقاتل، ومتوجها لقتال الروم، وقد أمر عليه ثلاثة أمراء على التوالي أولهم زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهم - جميعاً، ثم انطلق جيش المسلمين، ولما وصل منطقة معان تفاجؤوا بالأعداد الهائلة للروم، حيث بلغ عددهم مئتي ألف مقاتل، فتشاور قادة الجيش فيما بينهم، ثم قرروا أن يواجهوا الكفار مهما كانت النتيجة.

وخلال جولة لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط داخل المقام أو الضريح، ظهرت على مدخل المقام لوحة زجاجية مدون عليها اسم الصحابي الجليل، فيما تدخل الضريح فتجد نفسك أمام مشهد تعجز الكلمات والصور عن وصفه، فيما تتجلى روحانيات بصاحب المقام الرفيع الذى تولى قيادة الهجوم على أعداء الإسلام في غزوة مؤتة أحد أهم و أقوى وأشرس المعارك المصيرية التي مرت على الأمة الإسلامية أثناء نشأتها وكانت في شهر جمادي الأول من العام الثامن للهجرة (أغسطس 629 م) بين جيش المسلمين من جهة والروم والغساسنة من جهة أخرى.

وأقفال من ذهب وأحجار كريمة وشبابيك ارابيسك، كانت مكونات مقام الصحابي الجليل زيد بن حارثة، القائد العسكري الذي يعد من أكابر الصحابة، فيما تشعر بالسكينة والروحانية عند الوقوف أمام الضريح وكأنك تستمع وتعيد التاريخ الإسلامي وأبطاله الذين استشهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الحق والدين ونشر قيم الإسلام وديننا الحنيف.

وقال المشرفون على خدمات الضريح، لـ/أ ش أ/، إن زوار هذا الضريح يتخطون عشرات الآلاف في العام من كافة بقاع الأرض، معربين عن أمنيتهم أن تكون هذه الأضرحة مزارا للمسلمين في كافة ربوع الكرة الأرضية.

وأشاروا إلى أن زيارة الأضرحة لها مواعيد محددة يوميا بداية من الساعة 8 ونصف صباحا حتى 7 مساء ويكون هناك مرشدون لشرح قصة الضريح وصاحبه الجليل ودائما يكون هناك وتيرة أكبر في الزيارات خلال شهر رمضان وأشهر الحج، مؤكدين أن هناك عناية كبيرة واهتمام من قبل الدولة الأردنية بمتابعة شؤون الضريح والأضرحة الأخرى في الموقع.

والصحابي الجليل زيد بن حارثة رباه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان قد تبناه قبل بعثته، فكان مولى له، وهو أول الموالي إسلاما، ومن السابقين الأولين للإسلام، والوحيد من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي ذكر اسمه في القرآن في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].

وشهد زيد بن حارثة العديد من الغزوات، كما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قائدا على عدد من السرايا، استشهد رضي الله عنه في غزوة مؤتة (سنة 8هـ)، وهو قائد جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين والغساسنة الذي كان يفوق المسلمين عدداً.

وقد ولد زيد بن حارثة بن شراحيل (وقيل شرحبيل) بن كعب قبل الهجرة النبوية بسبع وأربعين سنة، في ديار قومه بني كلب أحد بطون قضاعة، وقد تعرض للأسر وهو طفل صغير، حيث اختطفته جماعة قبل الإسلام، فباعوه في سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته السيدة خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهبته له، وجاء أبوه وأهله ليأخذوه بعد زمن عندما عرفوا مكانه، فخيره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يرض زيد أن يذهب معهم، وقال: (ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا، أنت مني بمكان الأب والعم)، فتعجّب أبوه وعمه وقالا: (ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟!)، قال: (نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي اختار عليه أحدًا أبدًا)، فلما رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه ذلك، خرج به إلى الحِجْر عند الكعبة، وقال: يا معشر قريش، اشهدوا أن زيدًا ابني أرثه ويرثني، فلما رأى ذلك أبوه وعمه اطمأنا وانصرفا، فصار زيد يُدعى: زيد بن محمد، حتى أبطل الإسلام التبنّي بصريح القرآن الكريم.

روحانيات رمضانية مقام الصحابي الجليل زيد بن حارثة يزين بلدة مؤتة بمحافظة الكرك جنوبي الأردن