تحقيقات وتقارير

هدنة مؤقتة في رمضان.. خطة أمريكية جديدة تقفز على اتفاق غزة

الصباح العربي

في ظل مشهد متأزم بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، يتجلى صراع الإرادات بين الطرفين، إذ تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد والتخلي عن الاتفاقات المبرمة حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينما تصرُّ حماس على تنفيذ التزامات الاتفاق السابقة والدخول إلى مفاوضات المرحلة الثانية والثالثة لوقف الحرب نهائيًا.

وحسب تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، فمع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، أعلنت إسرائيل تبنيها مخطط مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف والذي يهدف لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، ما فتح بابًا جديدًا من الجدل والمواجهات السياسية، في حين رفضت حماس هذا المخطط معتبرةً أنه لا يحقق هدفها الأساسي المتمثل في إنهاء الحرب.

خطة "ويتكوف"

وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانًا، مساء السبت، أعلن فيه رسميًا عن قبوله مخطط "ويتكوف" الذي يقضي بتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ووفقًا لهذا المخطط، فإنه سيتم إطلاق سراح نحو 30 محتجزًا إسرائيليًا في اليوم الأول، منهم أحياء ومنهم قتلى.

ووفقًا لما ورد عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن إسرائيل وافقت على تمديد وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، إلا أن حماس ظلت متمسكة برفضها لهذا المقترح، وأكدت الحركة في أكثر من مناسبة أنها لن تقبل بتمديد المرحلة الأولى، مطالبةً ببدء مفاوضات جديدة حول المرحلة الثانية التي تشمل إعلانًا واضحًا عن إنهاء الحرب، وهو ما لم توافق عليه إسرائيل حتى الآن.

تفاصيل الخطة

وفقًا لخطة "ويتكوف"، فإن إطلاق سراح المحتجزين المتبقين مشروطٌ بالتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وفي حال نجاح الطرفين في ذلك، سيتم تنفيذ هذا البند وإطلاق سراح المحتجزين الذين لم تشملهم المرحلة الأولى من الاتفاق.

ويقترح المخطط تمديد وقف إطلاق النار لمدة 50 يومًا إضافية، سيتم في اليوم الأول الإفراج عن 11 محتجزًا أحياء و19 قتيلًا، ومع ذلك، فإن فرص قبول حماس لهذه الخطة تبدو ضئيلة، لا سيما وأن الإدارة الأمريكية تدعم موقف إسرائيل في الاستمرار بالضغط على حماس، وعدم السماح ببقائها في غزة، بحسب الصحيفة العبرية.

كما يرى المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف "ويتكوف"، أن الظروف الحالية لا تتيح تقريب وجهات النظر لإنهاء الحرب، وهو ما يستوجب تمديد التهدئة لإجراء المزيد من المفاوضات حول وقف إطلاق نار دائم.

ردود فعل إسرائيلية

جاء الإعلان الإسرائيلي في وقت متأخر من الليل، بعد مشاورات مكثفة استمرت على مدار 24 ساعة، دعا إليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمشاركة وزير الدفاع وكبار المسؤولين الأمنيين وفريق المفاوضات، وأكدت إسرائيل أن مقترح "ويتكوف" جاء بعد أن أدرك المبعوث الأمريكي أن الحل الفوري لإنهاء الحرب غير متاح، ما يستدعي منح مزيد من الوقت للجهود الدبلوماسية.

وأشار البيان الصادر عن مكتب نتنياهو إلى أن "حماس انتهكت الاتفاق عدة مرات، في حين أن إسرائيل التزمت به تمامًا"، مضيفًا أنه "وفقًا للاتفاق، تستطيع إسرائيل استئناف العمليات العسكرية بعد اليوم الثاني والأربعين، في حال لم تكن المفاوضات فعالة، وهو ما حظي بدعم أمريكي واضح".

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار بقطاع غزة في 19 يناير الماضي سجلت الخروقات الإسرائيلية على أرض غزة أرقامًا صادمة، إذ استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين بـ36 عملية إطلاق نار خارج المناطق العازلة، ما أدى إلى استشهاد 22 فلسطينيًا وإصابة 59 آخرين، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

كما خرق الطيران الإسرائيلي الاتفاق بتحليقه 105 مرات، في حين تم احتجاز 5 صيادين وسائقين، بالإضافة إلى 29 حالة توغل للآليات العسكرية داخل القطاع، وفيما يخص الأسرى، فقد تم تأخير الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين حتى الساعة الخامسة مساءً بدلاً من الساعة الواحدة، في ظل تعرضهم للاعتداء الجسدي أثناء إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية.

موقف حماس من المقترح

في المقابل، رفضت حركة حماس مخطط "ويتكوف" بشكل قاطع، وصرح القيادي في الحركة، محمود مرداوي، وفق "وكالة الأنباء الفرنسية"، بأن حماس تطالب بتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، متهمًا إسرائيل بالتراجع عن تعهداتها السابقة.

وأكد أن "السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وإعادة المحتجزين إلى ذويهم، هو استكمال تنفيذ الاتفاق من خلال الانتقال إلى المرحلة الثانية، وأن الحركة لن تتراجع عن هذا المطلب".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر مطلِعة أن حماس ترى أن قبول خطة "ويتكوف" يعني التخلي عن نصف المحتجزين الموجودين لديها، دون أي ضمانات واضحة بوقف دائم لإطلاق النار، وهو ما يعتبر خرقًا للاتفاق الذي وقعته الأطراف قبل نحو شهر ونصف الشهر.

وتعتبر حماس أن المقترح الإسرائيلي ليس سوى امتداد للمرحلة الأولى من الاتفاق، دون تحقيق أي مكاسب سياسية أو استراتيجية للحركة.

مصير مجهول للمحتجزين

تشير تقديرات حكومية إسرائيلية إلى أن عدد المحتجزين الذين لا يزالون في قطاع غزة يبلغ 59 شخصًا، بينهم 35 قُتِلوا في عمليات القصف الإسرائيلية، وأن 22 محتجزًا من بين الـ24 المتبقين لا يزالون على قيد الحياة.

وفي ظل غياب أي بوادر للتوصل إلى تسوية سياسية، يبقى الوضع مفتوحًا على احتمالات متعددة، أبرزها استئناف القتال في غزة، في حال استمر التعثر في المفاوضات، ما يعزز من احتمالية اندلاع جولة جديدة من المواجهات بين الطرفين.

هدنة مؤقتة في رمضان خطة أمريكية جديدة تقفز على اتفاق غزة