فشل متراكم.. تحقيقات إسرائيلية تكشف سلسلة إخفاقات قبل ”7 أكتوبر”


كشفت تحقيقات داخلية أجراها جيش الاحتلال الإسرائيلي عن سلسلة من الإخفاقات الاستخباراتية والعسكرية التي سبقت هجمات 7 أكتوبر 2023، حيث تمسكت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بتصورات خاطئة حول حركة حماس وقدراتها ونواياها على مدى سنوات.
ووفقًا لما نقلته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أدى هذا الفشل المتراكم إلى عجز تام عن توقع الهجوم الذي نفذته حماس.
منظومة التصورات المُتجذرة
أشارت التحقيقات التي نقلتها "هآرتس" إلى أن "منظومة التصورات الإسرائيلية كانت متجذرة وعميقة، وعلى مدى سنوات لم يكن هناك جهد منهجي وملموس لزعزعتها، كما لم تُعقد مناقشات عميقة حول سؤال "ماذا لو كنا مخطئين؟"، ووجهت التحقيقات انتقادات للتعريف الخاطئ للتهديد من قطاع غزة على أنه ثانوي، ولتبني سياسة "إدارة الصراع" مع حماس دون وضع بديل.
وكشفت التحقيقات عن فشل كبير لجيش الاحتلال في حماية مستوطنة كفار عزة خلال هجمات 7 أكتوبر؛ مما أدى إلى مقتل 62 شخصًا وإصابة 18 آخرين.
وأظهرت أن القوات واجهت معاناة كبيرة؛ بسبب غياب القيادة ووجود حالة من عدم التنسيق، مما أسهم في تفاقم الخسائر البشرية.
خطة "سور أريحا"
أشارت الصحيفة العبرية إلى أنه استنادًا إلى وثائق عُثر عليها في مقرات حماس واستجوابات لقادة من الجناح العسكري للحركة، بدأت حماس مناقشة هجوم واسع على إسرائيل بعد انتهاء عملية "الجرف الصامد" في 2014.
وبعد انتخاب يحيى السنوار، وضع خطة "سور أريحا"، أو "طوفان الأقصى"، كما اسمَتها حركة حماس، والتي تضمنت مهاجمة فرقة غزة الإسرائيلية وأسر جنود.
وأوضحت الصحيفة أنه خلال السنوات الأخيرة وصلت معلومات إلى شعبة البحث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ووحدة 8200 ووحدات استخبارات القيادة الجنوبية، تشير إلى نوايا حماس، لكن ذلك لم يغير تصور إسرائيل، ففي عام 2018، تلقت الاستخبارات معلومات عن نية الحركة الهجوم على إسرائيل بقوة 3000 مقاتل، لكن شعبة البحث اعتبرتها غير واقعية.
واستطردت "هآرتس" بالإشارة إلى أنه خلال العامين الماضيين، سرّعت حماس استعداداتها، وجندت نشطاء ودربتهم، وأنتجت مسلسلًا تلفزيونيًا بعنوان "قبضة الأحرار"، الذي وصف الخطة بالفعل.
ومنذ أبريل 2022، ناقشت قيادة حماس إمكانية شن هجوم، ونقلت التفاصيل إلى الجناح العسكري دون أن تكتشفها الاستخبارات الإسرائيلية.
نقطة تحول
درست حماس إمكانية تنفيذ الهجوم عشية عملية "حارس الأسوار" في 2021، لكن قادتها قرروا التأجيل بسبب عدم كفاية الجاهزية، وتشير التحقيقات، كما نقلتها "هآرتس"، إلى أن هذه العملية كانت نقطة تحول بدأت فيها الفجوة تتسع بين تقييم إسرائيل لحماس والواقع.
وزعمت الحكومة والجيش آنذاك أن العملية ردعت كتائب القسام، وأن حماس ستحتاج إلى سنوات لتجديد قدراتها، لكن الضرر كان أقل مما عُرض.
في مايو 2022، عُرضت خطة "سور أريحا" على رئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حليوة، وقائد القيادة الجنوبية إليعازر توليدانو، وقائد فرقة غزة، العميد أفي روزنفيلد، لكنها وُصِفت كرؤية عامة وليس كخطة عملياتية معتمدة.
وفي عرض تقديمي في نوفمبر، ظهرت إمكانية محاولة حماس تنفيذ هجوم مفاجئ كبند صغير في الصفحة 35، مع تقييم بأن الغارة لن تضم أكثر من 70 مقاتلًا.
الأشهر الأخيرة قبل الهجوم
في أوائل 2023، حددت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ضررًا في الردع وإمكانية لحرب متعددة الساحات، لكن لم يُنسب التهديد إلى حماس، كما أنه في وثيقة قُدمت إلى وزير الدفاع آنذاك، يوآف جالانت، في يناير، قيل إن الحركة تسعى للحفاظ على الهدوء في الجنوب.
تُلقي التحقيقات باللوم على شعبة البحث في الاستخبارات بشأن عدم وجود تحذير من الهجوم، لكنها تقرر أن الفشل نتج عن "نظام كامل من المفاهيم السياسية والعسكرية"، التي شارك فيها المستوى السياسي أيضًا، إذ كان الافتراض السائد أن حماس منظمة براجماتية "يُمكن التعامل معها"، وأن التهديد الرئيسي منها يكمن في إطلاق الصواريخ، وأن قدرتها على تنفيذ غارة برية محدودة.