هل التوتر النفسي يسرع نمو السرطان؟ العلم يكشف العلاقة المعقدة


منذ العصور القديمة، حاول الأطباء فهم العلاقة بين المشاعر والأمراض، فكان أبوقراط وجالينوس، وهما من أبرز أطباء اليونان القديمة، يعتقدان أن الحزن مرتبط بظهور الأورام بسبب ما أطلقوا عليه "العصارة السوداء".
واليوم، ورغم تطور العلم وتغيير المفاهيم، لا يزال هناك اهتمام متزايد بدور التوتر النفسي في التأثير على تطور مرض السرطان.
أبحاث عديدة على مدى العقود الأخيرة تناولت العلاقة بين الصحة النفسية والسرطان، وتشير إلى وجود ارتباط محتمل بين التوتر المزمن، والاكتئاب، والظروف الاقتصادية الصعبة، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان أو تطوره.
وبينما لم يتم إثبات أن التوتر وحده يسبب السرطان بشكل مباشر، إلا أن الدراسات تظهر أنه قد يضعف مناعة الجسم ويغير من طريقة استجابته للأورام.
تجارب أجريت على الحيوانات أظهرت أن التوتر المزمن يمكن أن يعزز نمو الأوعية الدموية التي تغذي الورم، مما يسهم في انتشاره، خاصة في حالات مثل سرطان الثدي والمبيض.
ويبدو أن هرمونات التوتر، مثل "النورأدرينالين"، تلعب دورًا في تحفيز هذا النشاط الخلوي غير الطبيعي.
ومن بين الاكتشافات المثيرة في هذا المجال، وجود مؤشرات على أن بعض الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والمعروفة باسم "حاصرات مستقبلات بيتا"، قد تساعد في إبطاء انتشار الخلايا السرطانية، من خلال كبح تأثير هرمونات التوتر.
وقد أثبتت هذه الأدوية فعاليتها في تجارب على نماذج حيوانية مصابة بأنواع مختلفة من السرطان مثل الثدي والبروستاتا وسرطانات الدم.
لكن، كما هي العادة في الطب، لا توجد حلول تناسب الجميع، فبعض المرضى، خاصة ممن يعانون من أمراض مزمنة مثل الربو أو مشاكل في القلب، قد لا يتحملون هذا النوع من الأدوية.
لذلك يحذر الأطباء من التسرع في تعميم هذه النتائج على كل الحالات.
من جانبها، تؤكد خبيرة الطب النفسي باتريشيا مورينو، إلى جانب باحثات مثل جنيفر نايت وسوزان لتوجندورف، أن التوتر لا يمكن اعتباره سببًا مباشرًا للسرطان، لكنه عامل مؤثر يجب أن يُؤخذ بجدية عند وضع خطط العلاج والدعم النفسي للمرضى.