دراسة: واحد من كل 12 طفلًا يتعرض للاستغلال الجنـ ـسي عبر الإنترنت على مستوى العالم
أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة ذا لانسيت العلمية أن واحدًا من كل 12 طفلًا يتعرض للاستغلال الجنـ ـسي عبر الإنترنت على مستوى العالم. وقد دعا الباحثون الذين أجروا هذه الدراسة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لحماية الأطفال من هذه المخاطر.
ووفقًا لما ذكره الدكتور شيانمينج فانج، المشرف الرئيسي على الدراسة والأستاذ المساعد في سياسة الصحة والعلوم السلوكية بكلية الصحة العامة بجامعة ولاية جورجيا الأمريكية، فقد أكدت الدراسة على أهمية تعزيز الوعي والتعاون بين الجمهور وصانعي القرار. وذلك نتيجة للتطور السريع للتكنولوجيا الرقمية وزيادة الوصول إلى الإنترنت وأجهزة الهواتف الذكية، وخاصة في الدول النامية، مما يسهم في تعريض الأطفال لمخاطر أكبر يومًا بعد يوم.
كما أوضح الدكتور فانج أن الإنترنت أصبح يشكل ساحة للجريمة، حيث يتعرض الأطفال للاستغلال والانتهاك بشكل مقلق، إذ يتم ذلك بمعدل مرة واحدة كل ثانية. واعتبر الدكتور فانج أن هذه الظاهرة قد تُعتبر بمثابة أزمة توازي خطورة الطوارئ الصحية العالمية التي تؤثر على الصحة النفسية والبدنية للأشخاص الأكثر فقراً حول العالم.
واستندت هذه الدراسة إلى مجموعة بيانات تم جمعها من 123 دراسة سابقة، والتي أُجريت خلال الفترة من عام 2010 حتى 2023. وشملت المرحلة اللاحقة من البحث تحليل أعداد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا والذين تعرضوا لأنواع مختلفة من الانتهاك الجنـ ـسي. ومن بين هذه الأنواع تم تضمين: التحـ ـرش الجنـ ـسي عبر الإنترنت، والاستغلال الجنـ ـسي من خلال الوسائل الرقمية، والابتزاز الجنـ ـسي، فضلاً عن التقاط ومشاركة ونشر الصور والفيديوهات الجنـ ـسية دون الحصول على موافقاتهم.
وأكدت الدراسة على إمكانية معالجة هذه الظاهرة من خلال وضع تعريف دقيق لتلك الجرائم. وقد عرَّف الباحثون الاستغلال الجنـ ـسي عبر الإنترنت بأنه الأفعال الجنـ ـسية التي تُقدَّم مقابل المال أو موارد أخرى مثل الطعام والملابس، أو إبداء التعاطف وتقديم الحماية، أو تقديم ممتلكات أو هدايا، أو أي شيء آخر قد يكون ذا قيمة للشاب أو الطفل.
وبناء على الدراسة، يتضمن الاستغلال الجنـ ـسي على الإنترنت الاستفسارات والمحادثات الجنـ ـسية المطولة التي قد تؤدي إلى تبادل الصور أو مقاطع الفيديو الجنـ ـسية. أما الابتزاز الجنـ ـسي، فيحدث عندما يقوم شخص بتهديد شخص آخر لإجباره على تقديم أشياء مثل المال أو بطاقات الهدايا، عبر التهديد بمشاركة صور أو مقاطع فيديو خاصة.
هذا ويشير مرصد الأزهر إلى أنه قد نبّه سابقًا إلى ظاهرة استغلال الأطفال عبر الإنترنت على مختلف منصاته، وذلك من خلال مقال بعنوان: شبكات التواصل الاجتماعي وغياب منظومة القيم.. هل نحن على أعتاب انهيار مجتمعي؟. وقد ازداد قلق المرصد في هذا الصدد بعد أن تحولت هذه الظاهرة إلى تجارة، حيث لم يقتصر الاستغلال على بعض الأفراد المنحرفين فحسب، بل ساهم بعض الأهل أيضًا في دفع أبنائهم نحو أشكال الاستغلال السيء على شبكة الإنترنت، سعياً وراء تحقيق مكاسب مالية عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، من خلال نشر الفيديوهات والريلز.
لذا يؤكد المرصد مجددًا على أهمية حماية أبنائنا من هذا المرض الجديد الذي ينتشر بسرعة، مشيرًا إلى أن الخطوة الأولى في ذلك هي توعية الآباء بالمخاطر التي قد يتعرض لها أبناؤهم إذا تُركوا أمام شبكة الإنترنت لفترات طويلة دون رقابة. لكن هل يعني ذلك مراقبة كل خطوة يقومون بها؟ لا؛ فالأمر يتطلب خلق بيئة آمنة لهم، بحيث تكون الأسرة المصدر الأول الذي يلجأ إليه الطفل إذا حاول أحدهم استغلاله بأي شكل.