الصباح العربي
الأحد، 23 فبراير 2025 03:28 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

أكرم القصاص يكتب: مصر وأوراق عربية فى مواجهة مخططات التهجير

الصباح العربي

بالرغم من كل التحديات التى تواجهها المنطقة العربية، يبقى الرهان على أن تستغل الدول العربية الفاعلة الموقف لتحويل التحدى إلى خطوة للأمام، خلال سنوات لم يظهر موقف عربى متماسك وقوى بقدر ما ظهر فى مواجهة مخططات التهجير للفلسطينيين، وهو موقف يبدو متناسبا حتى الآن مع الفعل أو التلويح الأمريكى أو الادعاءات الإسرائيلية، وقد خاضت مصر أكثر من حرب فى هذه الحرب التى توقفت ولا تزال تلقى بظلالها، خاضت مصر حربا دبلوماسية وسياسية، وتقدم البديل لإعمار غزة فى وجود سكان غزة دون أن يغادروا أرضيهم، وواجهت ولا تزال أحد أخطر مخططات التهجير، واختلفت مع الإدارة الامريكية ودعمت تدفق المساعدات بشكل يعالج الحصار والتجويع الذى مارسهما الاحتلال.

مصر تنطلق من مسؤوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية من ناحية، ومن خبرتها الكبيرة مع الأطراف المختلفة ومن فهم عميق جدا للقضية وللأطراف المختلفة، حربا وسلما من ناحية أخرى، ورغم انحياز مصر الواضح للقضية الفلسطينية والدفاع عن غزة، حرصت على التوصل إلى وقف إطلاق النار.

والتحديات التى تواجهها المنطقة العربية هى نتاج تفاعلات وتحولات تكونت منذ 7 أكتوبر 2023، وتبلورت فى إعلان مخططات أمريكية وإسرائيلية بالرغم من خلوها من المنطق وكونها ضد حركة التاريخ، لكنها تمثل تحديا يستحق التوقف عنده والتعامل معه، وأن تتحمل الأطراف المختلفة المسؤولية وتغادر حالة الاستعراض إلى عمل سياسى ينتهى لصالح الفلسطينيين فى غزة والضفة وتغلق ملفات التهجير نهائيا.

ونؤكد أنه من ميزات هذه المواجهة أنها كشفت عن صلابة فى مواقف الدول العربية الفاعلة، فقد اتخذت مصر والدول العربية مواقف حاسمة، بما يستلزم شعورا بالمسؤولية التى تدعم موقفا عربيا واضحا ضد التهجير، مع التلويح بأوراق متنوعة اقتصادية وسياسية، يمكن أن تمثل أوراقا فاعلة فى لعبة سياسية معقدة، حيث يفترض أن تكون للدول العربية الفاعلة اليد الأعلى فى ما يتعلق بالمرجعية، وأن تنتهى التداخلات والامتدادات الخارجية لبعض الفصائل، والتى أثبتت التجارب أنها لا تمثل أى حائط أو سند، بل ثغرات تضعف من وحدة الصف، بجانب أن الدول العربية لا يوجد فيها من يحاول توظيف أوراق القضية لصالح طموحات إقليمية أو ألعاب سياسية.

وبناء عليه، فإن اللقاءات التشاورية العربية، والاتجاه نحو قمة عربية طارئة بالقاهرة، كلها تمثل خطوات فاعلة فى بناء رد الفعل، وتشير إلى أن الدول العربية حال اتخذت مواقف موحدة فإنها تمتلك أوراقا مهمة تدعم قدراتها فى بناء مواجهة واضحة، حتى لو كانت مواجهة لا تصل إلى الصدام.

بشكل عام، فإن القضية الفلسطينية أصبحت فى الواجهة، بعد أن تراجعت لأسباب الصراعات الداخلية والانفصال، وترتفع الحاجة إلى مصالحة حقيقية، تقوم بها الفصائل استجابة لجهود بذلتها مصر على مدى سنوات، وتتطلب وحدة الفصائل إرادة وتحركا، بُناء على إرادة فلسطينية، وبعيدا عن أى تداخلات ثبت أنها تلعب بالأوراق بحثا عن مصالح، وتفرض المصالحة نفسها فى ظل التحولات الكبرى التى أنتجتها حرب الشهور الخمسة عشر، وتفرضها احتياجات ومطالب الإعمار وإدارة السياسة والعمل الحكومى خلال المرحلة المقبلة، وحتى يمكن الموازنة بين مطالب المواجهة، وضرورات الواقع، حيث لا يمكن تجاهل حجم الخسائر وأعداد الضحايا، خاصة من الأطفال، وما تحتاجه عملية الإعمار مع التمسك ببقاء الفلسطينيين فى غزة، وهو الأمر الذى أعلنته مصر، وأصرت عليه، وكرره الرئيس عبدالفتاح السيسى مرات.

كل هذا يتطلب التعاطى مع موقف عربى داعم وقوى مع فلسطين، يطلب تفاعلا معه، يستوعب التحديات التى فرضتها تداعيات طوفان الأقصى، بقيت غزة قادرة على المواجهة بالرغم من مساعى الاحتلال لجعل غزة غير قابلة للحياة، لكن هذا يتطلب إدراكا لمخطط كاد ينفذ خاصة مع سقوط أوراق إقليمية ومراكز ضغط أو مساندة من إيران لحزب الله وسوريا، مع ما تم من اغتيالات وتغييب لقيادات سياسية وعسكرية، تجعل من المهم بناء النظر للمستقبل من خلال تعقيدات وتقاطعات المشهد، مع استغلال موقف عربى داعم ويحمل قدرا من التماسك.

هناك موقف حاسم ضد التهجير، اتخذته مصر والأردن مدعوم عربيا، باعتبار أن العرب يمتلكون أوراقا فى مواجهة دعاوى ترامب ونتنياهو، والتى واجهت معارضة أوروبية وحتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهى أوراق يجب على الأطراف التعامل معها بمسؤولية، تقدر أهمية وجود موقف عربى قوى يرفض التهجير ويتمسك بحل الدولتين، فى القمة الطارئة وما يسبقها ويصحبها من تحركات.

أكرم القصاص يكتب مصر وأوراق عربية فى مواجهة مخططات التهجير

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq