الثروات مقابل الدعم العسكري.. أوكرانيا تواجه ضغوط صفقة ترامب المؤلمة


كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن تفاصيل الصفقة الجديدة للمعادن التي عرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، على أوكرانيا، إذ تضع كييف في موقف صعب، وهو إما القبول بشروط تحولها إلى "مستعمرة اقتصادية" أمريكية، أو مواجهة احتمال وقف المساعدات العسكرية الأمريكية؛ ما قد يعزز فرص الاحتلال الروسي.
صفقة تسلب السيادة
وفقًا للصحيفة البريطانية، تطالب النسخة الأخيرة من صفقة المعادن بدفع تعويضات بأثر رجعي عن كل المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة خلال الحرب، بالإضافة إلى فائدة بنسبة 4%، مع منح الولايات المتحدة، وبموجب قانون ولاية ديلاوير الأمريكية، السيطرة على معظم الإنتاج الصناعي الأوكراني وقطاعات واسعة من النقل والاتصالات.
وصف أوليكساندر موريزخو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، الصفقة بأنها "تتجاهل تمامًا القانون الدولي والدستور الأوكراني"، مضيفًا أن "الفكرة هي أن أوكرانيا يجب أن تعطي كل ما لديها، كل مواردها الطبيعية، مقابل المساعدات التي قُدمت بالفعل، هذا أمر سخيف".
سيطرة على الثروات
تنص الصفقة، التي تأخذ شكل عقد تجاري بموجب القانون الأمريكي، على تقاسم رسوم عوائد النفط والغاز وجميع المعادن الأوكرانية بين البلدين.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، سيتم دفع الأرباح للولايات المتحدة بالدولار ووضعها في صندوق استثمار مشترك تديره لجنة يسيطر عليها الأمريكيون الذين يسيطرون على ثلاثة من خمسة مقاعد في مجلس الإدارة.
كما تتضمن الصفقة السيطرة على كل البنية التحتية المستخدمة لاستغلال المنتجات المعدنية، بما في ذلك القطارات والطرق والمطارات والموانئ وخطوط الأنابيب ومصانع المعالجة والمصافي، مع منح الولايات المتحدة حق النقض على بيع الموارد الأوكرانية للدول أو الكيانات الأخرى.
وصفت الإندبندنت ما يحدث بأنه "ابتزاز بأسلوب المافيا" تمارسه واشنطن ضد حليفها السابق، مدعومةً بما أسمته "بلطجة الكرملين" الذي يهدد بالاجتياح.
رفض أوكراني
ونقلت الصحيفة البريطانية عن برلمانيين أوكرانيين، أنه حتى إذا وقّع الرئيس زيلينسكي على العرض، وهو أمر غير مرجح، فلن يكون له أي فرصة للتصديق عليه من قبل المجلس التشريعي الأوكراني.
قالت ليزا ياسكو، عضو البرلمان الأوكراني، إن "جنودنا لا يقاتلون لأن زيلينسكي أرسلهم للقتال، نحن نقاتل لأننا نؤمن بأن هذا حقنا، هذه أرضنا، لا يمكنك ببساطة أن تأخذ حريتنا منّا".
وأضافت ياسكو أن الصفقة الأمريكية سيتم رفضها بالتأكيد؛ لأنها تستحضر ذكريات "الهولودومور"، عندما أمر الكرملين بمصادرة الحبوب من أوكرانيا إلى روسيا في الثلاثينيات، مما أدى إلى مقتل وتجويع أكثر من ثلاثة ملايين أوكراني.
وحذرت قائلة: "ذاكرتنا التاريخية قوية جدًا، يجب ألا نسمح أبدًا لأي كان بالسيطرة الكاملة على أرضنا".
سياسة ترامب المثيرة للقلق
تشير الإندبندنت إلى أن نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، الذي قاد جلسة وصفتها الصحيفة بـ"التنمر" ضد زيلينسكي خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض، كان يزور جرينلاند التابعة للدنمارك، والعضو في حلف الناتو، معلنًا أن معادنها "ضرورية لاقتصاد أمريكا وأنها أصل استراتيجي يجب أن يصبح جزءًا من الولايات المتحدة عن طريق التفاوض أو القوة".
وتتساءل الصحيفة: "إذا كان هذا هو موقفه من حليف في الناتو، فما هو الأمل لأوكرانيا؟"
آفاق المقاومة الأوكرانية
تشير التقديرات التي نقلتها الإندبندنت عن معهد كيل إلى أن الولايات المتحدة توفر حوالي 30% من المعدات العسكرية والذخيرة لأوكرانيا.
وترى الصحيفة أن كييف يمكنها أن تصمد في حال انسحاب أمريكي كامل من المساعدات العسكرية، رغم أن الدعم الاستخباراتي الأمريكي كان وسيظل حاسمًا.
وتختتم الإندبندنت بالإشارة إلى أن ترامب يستخدم "العضلات الروسية والذكاء الأمريكي" لاستخراج "ثمن استعماري" من كييف، في وقت تقاتل فيه أوكرانيا ضد محاولات موسكو لإعادتها إلى وضع المستعمرة، كما كانت في عهد القياصرة والسوفييت.