هل تعلم أن نجيب محفوظ وصف في أحد اللقاءات بأنه ”أم كلثوم الرواية العربية”؟


في أحد اللقاءات التلفزيونية الموجودة على «اليوتيوب» سأل الإعلامي مفيد فوزي أديبنا الكبير نجيب محفوظ: هل يزعجك أن توصف بـ«أم كلثوم الرواية العربية»؟ فرد محفوظ بابتسامة مبهجة قائلًا: «بل يسعدني هذا»، ثم أضاف «سعيد لأن حياتي ارتبطت بأعظم صوت رجالي وهو محمد عبد الوهاب وأهم صوت نسائي وهي أم كلثوم».
لم يغفل أديبنا الكبير نجيب محفوظ، عن دور *أم كلثوم* في ثقافة المجتمع المصري وذكرها في عدد كبير من كتاباته ورواياته في سياقات مختلفة، وأكد على أنها جزء من النسيج الثقافي والاجتماعي المصري.
ولعل بداية ما نشره عن أم كلثوم يعود لعام 1942 عندما كتب فى مجلة "الأيام" مقالا أعيد نشره في كتاب "مذكرات الآنسة أم كلثوم" إعداد محمد شعير، حيث وصفها بأنها "كمغنية خلق فريد، الزمان بمثله ضنين، حنجرة كاملة المراتب، وصوت عذب مرن مقتدر، يمتاز بمزايا الصوت النفيس مجتمعة من قوة وحنان وجلجلة وعذوبة وطول نفس ونفاذ، وتأثير، يحوط بكل أولئك هالة زاهرة من فن مبدع زاده المراس إبداعًا، واقتدارًا فما زال يأتى بالساحر الفاتن".
كما تظهر *أم كلثوم* في العديد من أعماله كرمز محلق للغناء والطرب.. والهوية المصرية، ابتداء من رواية خان الخليلي الصادرة في الأربعينيات وحتى روايته ميرامار المنشورة في الستينيات، وبينهما ثلاثية: بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، وزقاق المدق والسراب.
ويشير الكاتب الصحفي والناقد سيد محمود الي أن أم كلثوم ونجيب محفوظ انطلقا من محطة واحدة وبرعاية رجل واحد؛ إذ تُجمع السير المرتبطة بحياة أم كلثوم على الدور الذي لعبه شيخ الأزهر الدكتور مصطفى عبد الرازق (1885-1947م) عالم الدين العصري ذو الثقافة الرفيعة، الذي جاء من عائلة أرستقراطية ودرس في باريس وكانت له نظرة جمالية شاملة، تنحاز إلى قيم الاستنارة الرصينة في مواجهة الانغلاق المدمر والتهتك الرخيص من جهة ثانية.
ومن المثير كذلك أن الشيخ مصطفى عبد الرازق كان له دور مماثل مع نجيب محفوظ الذي كان تلميذًا له في قسم الفلسفة في كلية الآداب جامعة القاهرة، فبعد أن راحت على نجيب فرصته في السفر إلى أوروبا، ضِمن منحة حكومية لدراسة الفلسفة، اقترح عليه الشيخ أن يعمل سكرتيرًا برلمانيًّا له ضمن أفراد مكتبه. ويؤكد محفوظ أن الشيخ أكثر أساتذته تأثيرًا في حياته الجامعية، فهو ذو عقلية علمية مستنيرة، هادئ الطباع واسع الثقافة.
ويحكي نجيب محفوظ عن سر اللقاء الوحيد مع أم كلثوم في كتاب صفحات من حياة نجيب محفوظ، إعداد رجاء النقاش فيقول: ومع حبي لأم كلثوم لم أعرفها معرفة شخصية ولم أتحدث إليها مباشرة إلا مرة واحدة فقط، وذلك في الحفلة التي أقامتها جريدة الأهرام لتكريمي بمناسبة بلوغي الخمسين من عمري سنة 1961، حيث اتصل بها الأستاذ محمد حسنين هيكل وعرض عليها حضور الحفلة فوافقت دون تردد.
ويعلق نجيب محفوظ على ذلك: وكانت مفاجأة لي، لأنني لم أتوقع أن يكون لها اهتمامات بالقصة والرواية، وكنت أسمع الكثير عن ثقافتها واهتمامها بالشعر. ولم أتخيل أن توافق بهذه السهولة على المشاركة في احتفال أدبي خالص، وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي ألتقي فيها مباشرة بالسيدة «أم كلثوم» ويدور بيننا حوار.
في هذا المقطع الفريد يشاركنا نجيب محفوظ رأيه عن السيدة أم كلثوم
تذكروا أن وزارة الثقافة المصرية ستحتفل بالشراكة مع العديد من الجهات يوم 16 أبريل بـ "نجيب محفوظ.. في القلب" ، وذلك تعزيزًا لـ *عزة الهوية المصرية