في صباح اعتيادي من صباحات حي شبرا الخيمة، غادر محمد أحمد إبراهيم، الشاب الذي لم يبلغ السابعة عشرة من عمره، منزله متوجهًا إلى عمله في مصنع لإنتاج العبوات المعدنية والبلاستيكية بالمنطقة الصناعية الأولى بمدينة العبور، لم يكن يعلم أن هذا اليوم سيشهد نهاية رحلته في الحياة.

كان محمد مثالًا للشباب المكافح؛ فقد تحمل أعباء الحياة ومسؤولية أسرته في سن مبكرة، وسعى لكسب لقمة العيش بشرف، حالمًا بمستقبل أفضل له ولأسرته، قضى أيامه بين آلات المصنع وضوضاء العمل، دون كلل أو تقصير.

وأثناء أدائه لمهامه اليومية، سقطت عليه رافعة حديدية ثقيلة (ونش)، لتسحق جسده النحيل تحت وطأتها.

سمع زملاؤه صرخته، فهرعوا لإنقاذه، ونقلوه على الفور إلى المستشفى، إلا أن إصاباته البالغة لم تُمهله طويلًا، وفارق الحياة متأثرًا بجراحه.

عاد محمد إلى بيته، لا كالسابق على قدميه، بل جثة هامدة داخل نعش، ودعته والدته بحرقة وألم، حيث كانت تنتظر منه دعمًا ماديًا يعينها على الحياة، أما زملاؤه، فغلبهم الحزن والأسى لفقدان شاب عرفوه بالجدّ والأخلاق.

وكشف التقرير الطبي عن إصابات مروعة، شملت كسورًا بالساعد والقفص الصدري، ونزيفًا داخليًا بالمخ، وتهتكًا في الجمجمة، فضلًا عن كسر في الأسنان، ما يظهر حجم الكارثة التي ألمت به.

من جهتها، باشرت نيابة جنوب بنها التحقيق في الواقعة، وأمرت بحجز صاحب المصنع المدعو "حسين.خ.س" على ذمة التحقيق، للوقوف على ملابسات الحادث، وبحث مدى وجود تقصير أو شبهة جنائية.

كما طلبت النيابة استعلامًا من الهيئة العامة للتنمية الصناعية للتأكد من قانونية تراخيص المصنع، وكلفت لجنة ثلاثية من هيئة السلامة والصحة المهنية بمعاينة المصنع، والتأكد من مدى التزامه باشتراطات السلامة، وبيان ما إذا كانت هناك مخالفات أو أوجه قصور قد تكون السبب في وقوع الحادث، على أن تقدم النتائج في تقرير مفصل للنيابة.