تحديات برنامج إيران الصاروخي في المفاوضات مع واشنطن


يُعتبر البرنامج الصاروخي الإيراني من أبرز المعوقات التي تواجه المفاوضات بين طهران وواشنطن، وذلك بالنظر إلى تأثير "الحرس الثوري" الذي يسيطر على هذا الملف، حيث يعارض أي اتفاق مع الولايات المتحدة أو تقديم أي تنازلات بشأن هذا الموضوع، مما يعقد إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتؤكد بعض المصادر المطلعة أن "الحرس الثوري" يراهن على الصين كحليف رئيسي في مواجهة الضغوط الأمريكية، وهو ما ينعكس على محاولاته المستمرة لتعطيل أي مفاوضات قد تؤدي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن هذا البرنامج.
وبحسب هذه المصادر، فإن الولايات المتحدة قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية غير مسبوقة، قد تشمل فرض عقوبات شديدة أو حتى اللجوء إلى توجيه ضربة عسكرية ضد "الحرس الثوري" في حال عدم التزامه بأي اتفاق بشأن البرنامج الصاروخي.
من جانبه، أكد مسؤول إيراني مطلع على المحادثات النووية، أن العقبة الكبرى التي تواجه طهران في مفاوضاتها مع واشنطن هي البرنامج الصاروخي، وليس برنامج تخصيب اليورانيوم.
وهذه التصريحات جاءت بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، عن استئناف المحادثات في مسقط، وهو ما أعطى إشارة على تزايد فرص التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين، رغم التعقيدات.
وفي تصريحات أخرى، وصف مسؤول أمريكي المحادثات بأنها "إيجابية وبناءة"، مشيرًا إلى أن الجانبين اتفقا على استمرار الجولات المستقبلية.
لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية التعامل مع المطالب الأمريكية المتعلقة بالبرنامج الصاروخي، حيث تؤكد إيران دائمًا أن هذا البرنامج جزء أساسي من استراتيجيتها العسكرية.
وبحسب الدكتور محمد المذحجي، الخبير في الشؤون الإيرانية، فإن إيران قد تجد مخرجًا في التفاوض بشأن برنامجها النووي، خصوصًا في ما يتعلق بالتخصيب المنخفض لليورانيوم الذي يستخدم لإنتاج الكهرباء والأبحاث الطبية، لكنه يرى أن التنازل عن الجزء السري من البرنامج العسكري قد يكون خطوة صعبة.
مع ذلك، يرى المذحجي أن إيران قد تستطيع تقديم بعض التنازلات حول هذا الموضوع دون أن تظهر كأنها قد خضعت للضغوط، خاصة أن إيران تميل إلى التلاعب بملفها العسكري بصورة مستمرة.
أما بالنسبة للبرنامج الصاروخي، فيؤكد المذحجي أن هذا الملف لن يكون سهلاً بالنسبة لإيران للتفاوض بشأنه أو التنازل عنه، حيث أن "الحرس الثوري" وضعه في صدارة أولوياته العسكرية، وهو ما ينعكس سلبًا على مفاوضات طهران مع واشنطن.
ووفقًا للمذحجي، فإن أي تقدم في هذا الملف يتطلب تصعيدًا كبيرًا من قبل الولايات المتحدة، ربما يصل إلى فرض مزيد من العقوبات أو اتخاذ خطوات عسكرية ضد "الحرس الثوري".
ومن جانبه، يرى حسين رضوان، الخبير في العلاقات الدولية، أن المفاوضات بين طهران وواشنطن قد تتجه نحو حل وسط، حيث يسعى الطرفان لتجنب أي تصعيد عسكري مباشر، إلا أن إيران قد تحاول المساومة على قضايا البرنامج الصاروخي والنووي بما لا يؤدي إلى تدمير بنيتها العسكرية أو الإضرار بمفاعلاتها النووية.
في الوقت نفسه، يعتقد رضوان أن طهران ستسعى للحصول على أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والسياسية من خلال المفاوضات، خاصة رفع العقوبات التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني.
ويرى رضوان أن إيران ستحاول تجنب أي هجوم عسكري إسرائيلي على منشآتها النووية، وهو ما قد يستدعي تدخل الولايات المتحدة لحماية مصالحها في المنطقة.
في المقابل، يبقى الرهان على المفاوضات هو السمة الرئيسية لحكومة طهران، حيث تسعى لتقديم حلول قد تساعدها في التخفيف من ضغوط ترامب، الذي كان يسعى لتفكيك برنامج إيران النووي والصاروخي.
جدير بالذكر أن ترامب يراهن على قدرة الولايات المتحدة على تفكيك البرامج الإيرانية النووية والصاروخية، بينما تسعى طهران إلى تأكيد أن هذه البرامج جزء أساسي من قوتها العسكرية والتفاوضية.
وتعتبر طهران أن تقديم أي تنازلات حول هذه البرامج قد يضعف موقفها في المستقبل، لذلك تحاول دائمًا الحصول على أكبر قدر من المكاسب في أي اتفاق قد يتم التوصل إليه.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإنها تشكل عامل ضغط كبير على الولايات المتحدة في هذا السياق، حيث تعتبر أن أي اتفاق مع إيران يجب أن يضمن عدم استمرار أي تهديد إيراني.
ويرجح العديد من الخبراء أن نتنياهو قد يسعى للتحرك بشكل منفرد في حال استمرت إيران في تحدي المجتمع الدولي، وهو ما قد يفضي إلى تصعيد كبير في المنطقة، ويجبر الولايات المتحدة على التدخل بشكل مباشر.