بأقلام القراء

كواعب البراهمي تكتب: قلبي وعقلي

الصباح العربي

كنت أعتقد دوما أن قلبي هو المسيطر علي كل تحركاتي , وأن ما يراه قلبي صحيحا هو الصواب . ولا يستطيع عقلي أن يحركه أو يسيطر عليه .

كنت أعتقد أن القلب هو المهيمن علي كل حياتي . إلي أن جمعني لقاء ببعض النساء العاملات في المجال الخدمي , والإجتماعي منذ فترة .

فدار حوار حول تعديل الدستور علي أساس هو الموضوح المطروح علي الساحة وقتها , وذلك بعد الإعلان عن ذلك بفترة قليلة .

فقلت لإحدي الموجودات بجانبي أنا مع تعديل الدستور ., فقالت لي أنا لا .

فقلت لها إنتي قريتي مقالي والذي عنوانه لماذا أوافق علي تعديل الدستور ؟ فردت علي ّ هذا المقال ما عجبني . وأكملت مش زي مقالاتك السابقة . فقلت لها أنتي قريتيه كله وشفتي وجهه نظري .؟ أجابت نعم . وأردفت مش كويس التعديل , لأن هتبقي السلطة كلها في يد واحدة والرئيس هو الذي سيختارحتي في القضاء

فرددت عليها بأن الذي سيختار هو المجلس الأعلي للقضاء حيث يقوم المجلس الأعلى للقضاء باختيار 3 نواب من أقدم 7 نواب فى المحكمة وإرسال الأسماء الثلاثة إلى رئيس الجمهورية، ليختار واحد من بينهم رئيسًا للمحكمة دون التقييد بمبدأ الأقدمية .فالإختيار بالأساس للمجلس الأعلي ومن لا يريدونه لا يرشحونه .

فردت بإبتسامة وقالت أنا غير موافقة علي التعديل .وأنتهي الحديث . وهنا ليس ذلك هو المهم في طرحي هنا . المهم ماحدث بعد ذلك

حيث أنه عندما تم طرح الموضوع وجدتها توافق علي التعديلات الدستورية علنا , وبل وتقترح الأساليب التي نستطيع بها إقناع الآخرين بالموافقة ,. فهمست في أذنها , الحمد لله أنك غيرتي رأيك فقالت لي : أنا لست مع التعديلات الدستورية وهذا رأيي الشخصي , ولكن ما أقوله للناس هو ما يناسب عملي .

فردد عليها : كيف تستطيعين فعل ذلك فأجابت بنفس الإبتسامة : هذه نقرة وتلك نقرة أخري .

أما أنا فقد أصابني الإحباط من الحديث , وعرفت لماذا نحن غير سعداء وغير راضين عن حياتنا لأننا غير صادقين مع أنفسنا , وعلمت أيضا أن شعاري الصدق مع النفس راحة الضمير , هو فعلا راحة لضميري .

كيف يستطيع شخص مزدوج الإنتماء ومزدوج الهوي أن يتكيف مع حياته ويسعد؟

.إننا كنا نلوم علي الشخص الذي يعمل عملا ضد مبادئه الشخصية بحجة إحتياجه للمال , وكنا نراه غير صادق وأحيانا منافق بالرغم أنه قد يفعل ذلك في عمله والذي هو مصدر دخل وأكل عيش له , وربما يضطر المرء مع ضيق سعه العيش أن يفعل مالا يريد وإن كان بعض التنازلات تعد من المحرمات والتي لا يجوز قبولها تحت أي ضغط من الضغوط .

ولكن من يقوم بعمل إضافي ,أو خدمي , أو تطوعي . فما الذي يجبره علي أن يخالف ما يقتنع به .

بالطبع أنا لا أريد من الجميع أن يكونوا علي فكر واحد , فمن الطبيعي أن تختلف الأهواء والقناعات . ولكن ما أريده فعلا أن من يجد أن رأيه يخالف الجميع أو أن رأيه يسبب له مشكله فليسكت تماما , ولكن لا يقول أشياء عكس ما بداخله تماما بل ويدافع عن عكس ما يقنع به .

فأي بشر نحن , وعلي ماذا نخاف . وأي حرية نطالب بها ونحن سجناء أنفسنا وأهوائنا . وتيقنت فعلا أن أفضل الناس الصادقين مع أنفسهم قبل صدقهم مع الغير ولا أدري لماذا ساءني ذلك ؟ بل وأثر علي شعوري نحوها . رغم أن قلبي لا يسير وراء عقلي , ولكن أكتشفت أن له عليه تأثيرا كبيرا .

أرحموا أنفسكم وأعطوها شعور الإرتياح . أو تحدثوا فأقنعوا غيركم أو غيروا قناعاتكم , ولكن لا تكونوا مزدوجي الرأي والذات والهوي .

بقلم / كواعب أحمد البراهمي

كواعب البراهمي تكتب قلبي وعقلي