الصباح العربي
الإثنين، 23 ديسمبر 2024 05:42 صـ
الصباح العربي

الحوار الوطنى يؤكد مساندته لمواقف القيادة السياسية الهادفة لحماية مصر...الأهلي يهزم شباب بلوزداد الجزائري 6 -1 ويعتلي صدارة مجموعته...السيدة انتصار السيسى تتوجه بالشكر والاعتزاز للمتطوعين فى الهلال الأحمر...اتصالات هاتفية لوزير الخارجية والهجرة مع نظرائه من الإمارات والأردن...وزير السياحة والآثار يبحث مع سفير أوكرانيا بالقاهرة تعزيز التعاون...وزيرا خارجية مصر وروسيا يؤكدان أهمية دعم سوريا واحترام سيادتها...الرئيس السيسى يوجه باستمرار العمل على تطوير منظومة الطيران بشكل...الرئيس السيسى يطّلع على موقف تطوير منظومة الطيران المدنى بجميع...المتحف المصرى الكبير يتصدر قائمة تليجراف لمقاصد المسافرين الفائزة فى...وزيرا ”الإنتاج الحربي” و”الإسكان” يبحثان الموقف التنفيذي للمشروعات الخاصة بالمبادرة...رئيس الوزراء يتابع جهود توفير احتياطيات من السلع والمنتجات المختلفةنائب وزير الماليه.. تعزيز النمو المستدام فى أفريقيا يتطلب...
بأقلام القراء

نورهان البطريق تكتب: اقطعوا غصن الود بمن خذلكم

الصباح العربي

بعد صلاة الجمعة، التف الجميع حول مائدة الطعام، جلست الأم على رأس الطاولة حيث أعدت شتى الأصناف والمأكولات استعدادا لاستقبال أبنائها بيوم العطلة، ساد الصمت خلال فترة تناول الغداء احترامًا لآداب الطعام حتى فرغوا تماما وشرعوا في رفع الصحون.

توجه الجميع إلى غرفة الجلوس، بعد أن تطوعت أصغر فتيات العائلة لعمل الشاي وتجهيز أطباق الحلويات، بدأ كل منهم يسرد كل ما مر به من أحداث خلال الأسبوع الذي مضى، فرغم أن كل حكاية تختلف عن الأخرى اختلافا كليا، إلا أنهم تربطهم حلقة وصل غير مقصودة وهي: الخذلان وخيبة أمل.

استهل الأخ الأكبر بالحديث قائلًا: "حدثت لي مشاكل كثيرة هذا الأسبوع في عملي، فقد فكرت كثيرا في أن أتركه، (ثم تابع بصوت مبحوح ممزوج بالحزن الضيق) ولكني اكتشفت - صدفة - أن أحد أصدقائي في العمل هو من اختلق الأكاذيب وافتعل الادعاءات حتى يعرقل ترقيتى ويلحق بي الضر والأذي في عملي".

توقف عن الكلام، وكأن لسانه عاجز عن وصف ما بداخله، فعلمت أخته أن دورها قد حان.

حملقت إلى إخوتها قائلة: "كنت أعوم في بحر من التلميحات غير ال مرغوبة، الاتهامات غير ال مقبولة خلال الأيام الماضية من جانب أهل زوجي" (كانت دموعها تقف على أعتاب رموشها تأبى أن تطلق سراحها).

وأضافت: "صمدت أمام أمواج الإساءات الإهانات، آملا في أن استقر عليى شاطئ الحقيقة، وأتيقن من مصدر تلك الإشاعات المغرضة إلى أن عرفت" (وضعت يدها على فمها، وانفجرت دموعها من مقلتيها معلنة انتصارها عليها، فلم تنجح في إخفائها أكثر من ذلك.)

ثم نطقت بصوت محشرج يكاد يسمع من أثر البكاء: "عرفت أن أخت زوجي قالت كلاما على لسانى، ولم يتحر أحد صدق هذا الكلام أو عدمه".

أراد أخوها أن يريحها من عبء الكلام حتى تسترد أنفاسها وتهدأ نبضات قلبها المتلاحقة.

قاطعها قائلا: "تعلمون جيدا أننى تعرضت لوعكة صحية، فقد زارنى أغلب الأهل والأصدقاء" (ثم ضرب بقبضته الطاولة التى كان يجلس قبالتها حتى كاد أن يطيح بكل ما عليها محاولا أن يخمد ما بداخله من براكين الغضب).

وأضضف: "ولكن ما زال هناك شخص كنت أنتظره منذ أن لازمت الفراش وحتى الآن لم يبادر بالسؤال عني حتى بعد أن تماثلت للشفاء".

لم يتبق إلا الأخت الصغري التى مازالت في المرحلة الجامعية، فظن الجميع أن حياتها تخلو من المشاكل نظرا لصغر سنها، فأرادوا أن يتجاوزوا دورها، ولكنها صرحت بقوة: "اسمعوووووووونى مثلما سمعتكم!" (علت أصوات ضحكات الجميع سخرية منها، ولكنها فتكت بتلك الضحكات عندما رمقتهم بنظرات الغضب، فقد احمر وجهها وطار عقلها حتى كادت تشع نارا من عينيها تلتهم كل أفراد عائلتها".

أنصت لها الجميع ليفسح لها المجال، وانطلقت: "منذ أن وطئت قدماي الجامعة، تعرفت على بنت يبدو على ملامحها السماحة فشعرت بالألفة تجاهها حتى تكونت صداقتنا التى دامت طيلة الأربع سنوات (أطرقت برأسها وعضت على شفتيها وفركت يدها بالأخرى في حركات اضطرابية)
فقد فشت أسراري كلها إلى أصدقائها، أعطتنى معلومات مغلوطة بشأن المحاضرات والامتحانات، أمدتنى بمعلومات خاطئة أثناء فترة غيابي عن الجامعة، فلم أكتشف معدنها إلا هذه الأيام الماضية عندما نبهتني إحدى بنات الدفعة بضرورة توخّى الحذر في حالة التعامل معها".

كانت الأم حينها تلعب وترتع مع أحفادها حتى ظن أبناؤها عدم اهتمامها بمناقشاتهم.

تناهى إليها صوت أحد أبنائها: "ماما؟"، أجابت دون أن تلتفت إلى صوت المتحدث: "نعم"، ولم تنبس بعدها بكلمة واحدة.

تأكد لديهم شعور التجاهل وعدم اللامبالاة حيال ردة فعل أمهم، حاول أحدهم أن يعيد ما قالوه خلال جلستهم.

ولكنها رفعت كفها في وجهه وأشارت بسبابتها بأن يكف عن الكلام، تركت الصغار يلهون، نهضت من الأرض، وأخذت مجلسًا حذوهم.

وزعت نظرات حنو وعطف بالتساوي، وكأنها ودت تعويضهم عن مرارة الحديث الذي ترك آثاره الأليمة على وجوههم.

وقالت بنظرة ثاقبة مشوبة بالحكمة: "اقطعوا غصن الود بمن خذلكم".

تبادل الإخوة نظرات عدم الفهم ولبثوا في حالة صمت ودهشة من أثر وقع الجملة على مسامعهم.

قاطعت صمتهم مضيفة: "لماذا تنتظرون ممن حولكم ما تود أن ترووه منهم؟!، لماذا تربطون سعادتكم بوجود شخوص في حياتكم؟!".

أردفت مشيرة بإصبعها للابن الأكبر: "عليك أن تزيل كل العوائق التى تقف حائلا بينك وبين تحقيق طموحك، وأن تزيح رفيق السوء من طريقك لكي تواصل مسيرة عملك".

أدارت نظرها إلى ابنتها وهي تربت على كتفها : "تجنبي أصحاب النفوس الضعيفة ولا تجعليها تحطم حياتك، وحصنى بيتك من شياطين الإنس كما تحصنيه من شياطين الجن".

جاء دور الابن الأوسط: "كان عليك أن تهتم بصحتك أولا من أجل أولادك، ولا تصب كل همك على التركيز في كشوف الحاضرين والغائبين بشأن زيارتك، لا تضع حياتك في قائمة الانتظار حتى لا تتسرب من بين يديك دون أن تشعر ثم تتحسر على ما فاتك منها".

أما عن آخر العنقود، فكان عليها أن تختار صديقاتها بدقة وعناية أكثر من ذلك، عليكِ أن تضعي مستقبلك نصب عينيك ولا تلتفتي للوراء ثانية، فلا مجال للماضي في حاضرك.

أعلم أن الخذلان شعور قاس لاسيما كان من الأقارب والأصدقاء، لذا يتوجب علينا قطع غصن الود عن كل من خذلنا، والتخلي عن فكرة أن الحياة لا تحتمل بسبب غياب أحدهم، فالخذلان والرحيل محطتان حتمًا سنمر بهما خلال مشوار حياتنا، فهذا لا يعني نهاية الحياة بل قد تكون الحافز والدافع للمواصلة والاستمرار.

نورهان البطريق تكتب اقطعوا غصن الود خذلكم‎

بأقلام القراء

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq