أكرم القصاص يكتب: نصب معلن و”أون لاين”.. والمغفلون لا يتعلمون!


تطورت أدوات وأساليب النصب، ووظف النصابون التكنولوجيا والإنترنت والأدوات الإلكترونية والتطبيقات، وحصلوا على الملايين وأغلقوا قبل أن يتم القبض عليهم، قصة مكررة ومتواترة ومستمرة منذ عقود، لكنها تكتسب قوة وشكلا خداعا باستعمال التكنولوجيا والتطبيقات.
قبل أسابيع فى شهر فبراير الماضى، بدأت عملية التحقيقات مع نصابى FBC، الذين جمعوا ملايين من المودعين بكل سهولة، وبعملية استدراج سهلة جدا، بل إن بعض هؤلاء ظهروا فى احتفالات واجتماعات شجعوا المودعين على منح أموالهم بكل رضا، انتظارا لعوائد ضخمة، تمت مرة أو مرات، ثم توقفت كالعادة لتبدأ الدائرة المغلقة بتحقيقات تحاول البحث عن أموال تكون قد تبخرت بالفعل.
وخلال السنوات الأخيرة، كانت عمليات نصب تتم بادعاء المضاربة فى العملات المشفرة أو فى ماكينات التعدين الوهمية، شركة FBC بدأت نهاية عام 2024، وزعمت فتح مقرات بجميع المحافظات، وزعمت أيضا أنها تعمل بمراقبة البنك المركزى، وهو زعم مكرر لا يحاول المودعون الراغبون فى الربح مراجعته، فى البداية يمنحون أرباحا 40%، ومع الوقت يغلقوا ويهربوا.
فى عام 2023 تفجرت قضية نصب إلكترونى باسم شركة تسمى «هوج بول» التى أوقعت المصريين فى شراكها، وخلال أسابيع نهب التطبيق الجديد 19 مليون جنيه، وفق التصريحات الرسمية، وأضعاف الرقم فى البلاغات، وتبخرت أحلام الآلاف فى الثراء وبقيت الحسرة.
على مدى سنوات منذ الثمانينيات من القرن العشرين، بدأت ظاهرة النصب بادعاء توظيف الأموال، وتواصلت واستمرت بأكثر من شكل وأسلوب، لكنها جميعا تصب فى خانة النصب الذى يفلت فيه النصاب بجريمته، أو بالكثير يسجن لعدة أشهر ثم يخرج، وتضيع ثروات المواطنين، لكن الأمر فى الماضى كان يظهر فى شركات تزعم توظيف الأموال بعائد 20-25 %، ويومها وقع ملايين المصريين ضحايا لهذه الشركات التى تبدأ بمنح فوائد عالية لعدد سرعان ما يتحولوا إلى دعايات مجانية، تجذب المزيد من المودعين وينتهى الأمر بمأساة، لكن الظاهرة اتخذت أشكالا أحدث من خلال مزاعم توظيف الأموال فى تجارة مربحة فى القليوبية، كروت شحن فى الغربية والإسكندرية، تجارة أرز أو حبوب فى الصعيد، وحتى القاهرة ظهرت شركات فخمة وما يسمى بظاهرة المستريحين.
حب الثراء السريع تربة خصبة يستخدمها النصابون للإيقاع بضحاياهم والاستيلاء على تحويشة العمر، فمن حين لآخر تظهر قضايا نصب يقع ضحيتها العشرات من المواطنين، ولعل آخرها ضحايا المنصة والتطبيق الإلكترونى المسمى FBC، حيث تبين صحة قيام القائمين على إدارة المنصة بتلقى وجمع أموال من المواطنين.
يصعب معرفة كم مرة خلال العام يقع أهلنا من المواطنين ضحايا توظيف أموال كاذب، وبالرغم من قصص النصابين الذين يجمعون الأموال ويهربون، وبالرغم من استحالة أن تربح الأموال 100% من قيمتها، حتى لو كانت تلد، فإن المواطنين يعطون تحويشة عمرهم للنصاب ليهرب بها.
وخلال عقود، تم تجريم هذه الأنواع من النصب، لكنها فى الغالب تتم بسرعة، ويكون المنصوب عليه هو الذى أعطى ماله بموافقة وإرادة كاملة، بل إنه مع ظهور النصب التكنولوجى، فإن النصب التقليدى أيضا بأوهام المضاربة فى البورصة أو التجارة فى أنواع وأشكال مربحة، أصبحت قصصه معروفة، طرف يجيد الدعاية، يوهم الناس بأنه يمكن أن يوفر لهم فائدة 10% شهريا، يعنى تتضاعف الأموال، وهى نسب يستحيل توفرها، يقوم وكلاؤه ومساعدوه بعمل دعاية والإيهام بأنه يدفع فائدة، لا أحد رأى شيئا، وهنا نحن لا نكرر لوم الضحايا الذين يذهبون للنصاب، ومع أن القانون لا يحمى «المغفلين»، لكن هناك رابط واحد يربط كل هذا القضايا، فى الثمانينيات كان 25% ربحا سنويا مغريا، الآن بعض البنوك تمنح هذه النسبة التى تصل إلى 27% سنويا، هناك من يحاول حفظ أمواله فيها، لكنها لا تمثل إغراء لمن يريد الأكثر، ويجرى وراء سراب، وحتى البورصة معروف أنها توفر أرباحا وأيضا تحمل احتمالات الخسارة، ربما تكون هناك حاجة لأهمية وجود مجالات مشروعة للاستثمار تجذب أموالا وتوظفها بشكل مشروع، بالطبع أيضا يجب أن يكون هناك توعية بأنه يستحيل تحقيق أرباح بهذه الضخامة.
نقول هذا ونحن نعرف أن هناك عمليات نصب بمسميات وأشكال وأنواع تجرى وتشفط أموال المواطنين، الذين يتعبون ليمولوا «المستريحين».
نقلا عن اليوم السابع