كرم جبر يكتب: قادة حماس وحرب الاغتيالات


كلمة « نيلى» اختصار لعبارة عبرية معناها « خلود اسرائيل لا يكذب»، مأخوذة من اسم منظمة سرية إرهابية يهودية، تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، وهى الآن تستهدف اغتيال قادة حماس فى الداخل والخارج ، وآخر ضحاياها عضو المكتب السياسى لحماس اسماعيل برهوم.
سبق لإسرائيل أن نفذت عمليات مشابهة، مثل «غضب الرب» فى السبعينيات، والتى استهدفت المسؤولين عن هجوم ميونيخ عام ١٩٧٢الذى أسفر عن مقتل ١١ رياضيا اسرائيليا، ونفذ الموساد اغتيالات واسعة ، شملت القتل بالرصاص وتفجير سيارات وتسميم المستهدفين .
وتستهدف « نيلى» ملاحقة قادة حماس فى كل مكان، بما فى ذلك غزة والضفة الغربية ولبنان وتركيا وقطر،وتؤكد اسرائيل انها تستغرق بضع سنوات، فى إطار استراتيجية تهدف إلى إضعاف البنية القيادية لـ«حماس» وتقويض قدراتها العسكرية.
الحسابات الخاطئة تجعل إسرائيل تتصور أنها ستصنع شرق أوسط جديد، بالاغتيالات والتدمير واستهداف قيادات المقاومة، لتجلس وحدها وترسم الخريطة التى تريدها، وكما أخطأت فى بداية الصراع، ستقودها الحسابات الخاطئة إلى نتائج كارثية.
الشرق الأوسط الجديد لن يؤسس بالاغتيالات والاستيلاء على أراضى الغير، والتهجير القسرى وإنما بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإقامة دولته المستقلة، وانهاء الاغتيالات المجنونة ووقف إطلاق النار فى كل الجبهات.
والحسابات الخاطئة التى قادت حماس الى هجوم السابع من أكتوبر لا تزال مستمرة ،وما تلاها من مماطلات فى إنهاء قضية الرهائن على أمل أن تحقق بعض المكاسب ، على حساب عشرات الألاف من المدنيين الذين قتلوا ، علاوة على تدمير غزة والحصار والتجويع والاجبار على التهجير.
ولا تبدو بارقة أمل لوقف قريب للنيران، بعد أن تحول الرأى العام الإسرائيلى نفسه إلى صورة من نتنياهو، وكلما سقط شهيد من المقاومة، تزداد رغبتهم المتوحشة فى المزيد، وتحول رئيس الوزراء من مدان ومطلوب للمحاكمة إلى زعيم قومى أو المؤسس الثانى لدولة إسرائيل كما يطلقون عليه.
وكلما اتسع نطاق المأساة أتذكر دائما ما قاله الرئيس السادات فى أوج الانتصار حرب اكتوبر «ماقدرش احارب امريكا» التى فتحت مخازن اسلحتها لتزويد اسرائيل باسلحة لم يستخدمها الجيش الامريكى نفسه، وهكذا الزعماء الحقيقيون، الذين يتسلحون بالوعى واليقظة، ويلهمهم الله قرارات فى صالح دولهم وشعوبهم، دون تقدير خاطئ للأحداث.
إسرائيل تحارب بأسلحة أمريكية، وتغتال المدنيين بالذخيرة الأمريكية، ولولا الجسر الجوى الذى ينقل إليها آلاف الأطنان من الذخيرة، ما استطاعت أن تستمر شهورا فى الحرب، ولم تسأل ما نهاية هذا الصراع الذى قد يتحول تدريجياً إلى حرب عالمية جديدة، وكيف تزعم امريكا صداقتها بدول المنطقة، وهى الداعم الحقيقى للجرائم الإسرائيلية؟
الشواهد تؤكد ان حماس لن تحقق مكسبا من ادمان الحسابات الخاطئة، واصبح البديل المتاح هو الاستجابة لوساطة مصر ، الطرف الأصيل والشريف الذى لا يعرف المناورة ولا الخداع ، ولا يستهدف إلا مصلحة الشعب الفلسطينى.