الصباح العربي
الإثنين، 23 ديسمبر 2024 06:07 صـ
الصباح العربي

الحوار الوطنى يؤكد مساندته لمواقف القيادة السياسية الهادفة لحماية مصر...الأهلي يهزم شباب بلوزداد الجزائري 6 -1 ويعتلي صدارة مجموعته...السيدة انتصار السيسى تتوجه بالشكر والاعتزاز للمتطوعين فى الهلال الأحمر...اتصالات هاتفية لوزير الخارجية والهجرة مع نظرائه من الإمارات والأردن...وزير السياحة والآثار يبحث مع سفير أوكرانيا بالقاهرة تعزيز التعاون...وزيرا خارجية مصر وروسيا يؤكدان أهمية دعم سوريا واحترام سيادتها...الرئيس السيسى يوجه باستمرار العمل على تطوير منظومة الطيران بشكل...الرئيس السيسى يطّلع على موقف تطوير منظومة الطيران المدنى بجميع...المتحف المصرى الكبير يتصدر قائمة تليجراف لمقاصد المسافرين الفائزة فى...وزيرا ”الإنتاج الحربي” و”الإسكان” يبحثان الموقف التنفيذي للمشروعات الخاصة بالمبادرة...رئيس الوزراء يتابع جهود توفير احتياطيات من السلع والمنتجات المختلفةنائب وزير الماليه.. تعزيز النمو المستدام فى أفريقيا يتطلب...
مقالات ورأى

جلال عارف يكتب: إفريقيا.. فى قلب العاصفة

الصباح العربي

الحرب الباردة وعواصفها تضرب فى كل أنحاء العالم. أوروبا التى كانت تطمع فى فترة سلام طويلة بعد حربين عالميتين مدمرتين تجد نفسها الآن فى قلب حرب أوكرانيا التى لا تبدو لها وحتى الآن- نهاية قريبة. وآسيا التى كانت متفرغة لصنع معجزاتها الاقتصادية التى تنتشل دولها من دائرة الفقر الذى عاصرته طويلا، أصبحت ميدان المعركة الأساسية على زعامة العالم بين الصين وأمريكا والآن يبدو أن الإعصار الذى كان متوقعا أن يداهم أفريقيا بعد فترة قد وصل مبكرا«!!» ونظرة واحدة لأحداث «النيجر»، وردود الفعل عليها تقول الكثير فى هذا الشأن!!

«النيجر» هى أفقر دول أفريقيا، ومع ذلك فإن الانقلاب العسكرى الذى وقع فيها تحول إلى قضية عالمية. أمريكا تراقب، وفرنسا تهدد، وروسيا تحسب خطواتها بدقة، ودول غرب أفريقيا تضع التدخل العسكرى كواحد من خياراتها. والحديث عن الديمقراطية لا يخفى أن المصالح هى التى تتكلم، وأن جوهر الصراع ليس على الحريات وإنما على اليورانيوم والليثيوم والمعادن الثمينة التى تزخر بها أفريقيا، ويتصارع عليها الأقوياء!!

يكشف الصراع- أولا- عن جريمة الاستعمار القديم الذى استسلم للهزيمة بعد نضال بطولى لشعوب أفريقيا كانت مصر فيه بمثابة رأس الرمح فى معركة التحرر. ولعلنا نذكر ما قاله العظيم «مانديلا»، بأنه كان يقف فى جنوب القارة ويرفع رأسه لعل جمال عبدالناصر يراه.. أما «الجريمة» فهى أن الاستعمار رحل مهزوما لكنه ترك وراءه دولا لا تملك أى مقومات لبناء الدولة. وليتهم اكتفوا بذلك، بل سعوا لاستغلال ضعف الدول التى استقلت لكى يواصلوا نهب ثرواتها، ولكى تزدهر الصناعة عندهم اعتمادا على مواد أولية يأخذونها من افريقيا وباقى دول العالم الثالث بأقل الأسعار!!

بعد أكثر من ستين عاما على موجة التحرر الأفريقى التى أعقبت حرب السويس التى كتبت نهاية آخر الإمبراطوريات الاستعمارية، مازالت دولة مثل «النيجر»، هى الأفقر رغم أنها أحد الموردين الأساسيين لمعدن مثل «اليورانيوم» الأساسى لتوليد الطاقة النووية اللازمة لتشغيل معظم محطات الكهرباء فى دولة مثل فرنسا«!!» وستجد نفس الوضع فى معظم دول افريقيا.. قد تختلف المعادن الثمينة عند دولة عن أخرى، وقد تختلف جنسية الشركات التى تنهب الثروات الافريقية، لكن النتيجة واحدة.. المزيد من النهب والاستغلال، والكثير من المعاناة الافريقية والاحتياج لتنمية حقيقية تنهى سنوات القهر والحرمان الطويلة.

وجه آخر تكشف عنه أحداث النيجر، وهو أن القوى الكبرى لا تتحرك إلا وراء مصالحها، وأن دول الاستعمار القديم لم تشعر يوما بأن عليها أن تعوض الشعوب التى أخضعتها بالقوة عن سنوات الاحتلال. وأن القوى التى ورثت الإمبراطوريات الاستعمارية التى سقطت، كان همها أن ترث النفوذ والقوة والهيمنة الاقتصادية ولو كان الثمن أن تستمر معاناة الشعوب التى قاست من الاحتلال ومن النهب والاستغلال.. أما الشعارات البراقة فهى فقط لخدمة المصالح قبل أى شىء آخر!!

انتظرت افريقيا طويلا أن تساعدها القوى الكبرى على التنمية الحقيقية والمستدامة، لكن هذه القوى كانت مشغولة بمعاركها وبصراعاتها على ثروات افريقيا.

كان الصراع أولا بين قوى الاستعمار القديم وهى تحاول الحفاظ على نفوذها. ثم دخلت أمريكا على الخط، وبعدها دخلت الصين بينما كانت روسيا تحاول الاستفادة من ميراث الاتحاد السوفيتى فى مساعدة الافريقيين أثناء حروب التحرير فى منتصف القرن الماضي. وكان الصدام حتميا لكن أحداث «النيجر»، وتوابعها الخطيرة تقول إن الحرب الباردة قد أسرعت بالصدام، وأن أفريقيا قد أصبحت فى قلب العاصفة!!

مصر التى كانت طليعة حروب الاستقلال فى أفريقيا والعالم الثالث، كانت أيضا سباقة فى تقديم نموذج فى التنمية المستقلة، ولهذا تم استهدافها فى مؤامرة 67، ومصر لا تستطيع أن تغمض عينيها عما يجرى فى القارة السمراء.

فى العام الماضى قدمت مصر قائمة باحتياجات القارة الافريقية التى تشمل 200 مليار دولار للتنمية وأكثر من مائة مليار دولار للبنية التحتية، و70 مليارا لتعويض خسائر انخفاض الإنتاج الزراعى بسبب التلوث المناخى الذى تسأل عنه الدول الصناعية الكبرى. وقالت مصر إن افريقيا لا تحتاج للمزيد من القروض المرتفعة الفوائد، بل للاستثمارات والتمويل من المؤسسات الدولية بتكلفة قليلة.

لكنهم كانوا حريصين على ابقاء افريقيا تعانى من الديون، وتصدر المواد الأساسية للصناعات العالمية بأقل الأسعار، وكانوا مشغولين بالصراعات فيما بينهم على النفوذ والهيمنة بعد أن عادت الحرب الباردة بين أمريكا التى تدافع عن هيمنتها، والصين الطامحة لوراثتها فى زعامة العالم، وروسيا التى تريد الانتقام ممن أذلوها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي!!

وأيا كانت التطورات فى «النيجر»، فإن العاصفة قد بدأت، والصراع «الساكت»، من قبل بين الأقوياء لم يعد كذلك، وتحويل افريقيا إلى ساحة لتصفية الصراعات بين القوى الكبرى ستكون له عواقب وخيمة على الجميع.

ومصر- وهى الدولة القائدة فى أفريقيا- لا يمكن أن تتجاهل ما يحدث ولا تأثيره القريب والمباشر فى دول الجوار.. اليقظة والحذر مطلوبان. فأفريقيا أصبحت فى قلب العاصفة!!

نقلا عن اخبار اليوم

جلال عارف يكتب إفريقيا فى قلب العاصفة

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq