كرم جبر يكتب: إسرائيل لن تنتصر والمقاومة لن تستسلم!
فى بداية الأحداث بعد السابع من أكتوبر، كتبت فى هذا المكان أن حماس لن تنتصر على إسرائيل، وأن إسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس، وبالمثل فحزب الله لن ينتصر على إسرائيل، وإسرائيل لن تستطيع القضاء عليه.
والحسابات الخاطئة لكل الأطراف، تقود المنطقة إلى مزيدٍ من الانفجار، وسقوط آلاف الضحايا ليس من جانب المقاومة فقط، بل ستشمل أيضًا الإسرائيليين، وإذا كانت المسيّرة لم تنجح فى اغتيال نتنياهو لعدم وجوده فى منزله، فلن يفلت من الاغتيال فى المرات القادمة.
وأصبح الصراع فى المنطقة هو التدمير من أجل التدمير وليس من الحسم والتوصل إلى اتفاقيات سلمية، وإنما ضرب المرافق والمبانى والبنية الأساسية، وتحويل المناطق المستهدفة إلى أنقاض ولا تصلح للحياة.
إسرائيل لن تنتصر والمقاومة لن تستسلم، وإذا ضربت إيران، ستكون كل منشآتها ومواطنيها معرضين للخطر داخلها وفى الخارج، فالوصول إلى حافة اليأس لن يؤدى إلا لمزيد من الأعمال الانتحارية.
الحسابات الخاطئة تجعل إسرائيل تتصور أنها ستصنع شرق أوسط جديدًا، بالاغتيالات والتدمير واستهداف قيادات المقاومة، لتجلس وحدها على مائدة التفاوض وترسم الخريطة التى تريدها، وكما أخطأت فى بداية الصراع، ستقودها الحسابات الخاطئة إلى نتائج كارثية.
الشرق الأوسط الجديد لن يُؤسس بالاغتيالات والاستيلاء على أراضى الغير، وإنما بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإقامة دولته المستقلة، وإنهاء الاغتيالات المجنونة، ووقف إطلاق النار فى كل الجبهات.
إسرائيل لا تعمل حساب الإمكانيات التى تمتلكها المقاومة فى تطوير أسلحتها، خصوصًا الأنواع الجديدة من المسيّرات والصواريخ، التى وصلت إلى مقر نتنياهو، وتضع كل المرافق الحيوية والمدنية داخل إسرائيل تحت مرمى النيران، ولم يسأل قادة إسرائيل أنفسهم: لماذا فشلت القبة الحديدية وغيرها من المعدات الأمريكية الحديثة فى تأمين الأجواء الإسرائيلية؟
والسؤال الآن: كيف تُفكر إسرائيل فى الخروج من مستنقع الدماء الذى حشرت نفسها فيه؟
لا يبدو أن هناك أدنى بارقة أمل فى وقف قريب للنيران، بعد أن تحوّل الرأى العام الإسرائيلى نفسه إلى صورة من نتنياهو، وكلما سقط شهيد من المقاومة، تزداد رغبتهم المتوحشة فى المزيد، وتحوّل رئيس الوزراء من مشبوه مطلوب للمحاكمة إلى زعيم قومى أو المؤسس الثانى لدولة إسرائيل كما يطلقون عليه.
وهل يستمر الدعم الأمريكى الإجرامى، بالأسلحة والأموال والذخيرة؟.. إسرائيل تحارب بأسلحة أمريكية، وتغتال المدنيين بالذخيرة الأمريكية، ولولا الجسر الجوى الذى نقل إليها آلاف الأطنان من الذخيرة، ما استطاعت أن تستمر شهرًا على الأكثر.
لم تسأل أمريكا: ما نهاية هذا الصراع الذى يتحوّل تدريجيًا إلى حرب عالمية جديدة، وكيف تزعم صداقتها وعلاقتها الطيبة بدول المنطقة، وهى الداعم الحقيقى للصراع والوحشية الإسرائيلية؟
المأساة اتسعت حتى وصلت حد الصلب، والمنطقة تنزلق تدريجيًا إلى الهاوية، ونتنياهو يُفجّر براكين للغضب ويجلس فوق فوهاتها، متخيلًا أنه الشرق الأوسط الجديد.
نقلا عن اخبار اليوم