أكرم القصاص يكتب: رهانات القمة العربية.. الإعمار وإدارة القطاع والمصالحة «الضرورة»


فى موعدها جاء انعقاد القمة العربية الطارئة فى القاهرة، وهى واحدة من أكثر القمم العربية أهمية وضرورة خلال العقود الأخيرة، لأنها تأتى فى ظل تحولات كبيرة تركتها الحرب فى غزة والتى استمرت لأكثر من 15 شهرا وخلفت دمارا كبيرا، بجانب أنها شهدت تغييرات استراتيجية فى سياقات الأطراف الإقليمية التى كانت متقاطعة مع القضية الفلسطينية، وهى تحولات يفترض وضعها فى اعتبار كل من ينظر إلى التفاعلات الدرامية الجارية فى كل الاتجاهات، والمخططات التى ظهرت منذ ما بعد 7 أكتوبر، وتجددت بعد تسلم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مهام الرئاسة وما يعكسه ذلك على السياسات الإقليمية والدولية.
ظل الموقف المصرى منذ بداية الحرب حاسما ضد مخططات التهجير والتصفية التى ظهرت ووجدت بعض الأطراف تدعمها، ولعبت مصر دورا ليس فقط فى إعلان التصدى للمخططات مبكرا وبشكل تام، لكن أيضا قادت حملة لشرح خطورة هذه المخططات على الأمن الإقليمى والدولى، وكان الوصول إلى القمة العربية أمرا مهما فى سياق مواجهة تحديات تفرض نفسها على المنطقة.
هناك بالطبع التهديدات الإسرائيلية والتوجهات الأمريكية التى تدفع نحو التهجير، لكن التحدى الأكبر هو استمرار اتفاق وقف إطلاق النار، وبدء المرحلة الثانية والتى تتضمن انسحاب قوات الاحتلال، والبدء فى إعادة الإعمار، وإدارة قطاع غزة بعد الانسحاب وتوفيق التوازنات داخل غزة، بشكل لا يتجه إلى صدامات تعطل خطوات إعادة الإعمار.
كانت مصر حاسمة فى تأكيد الارتباط العضوى بين قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية باعتبارها أراضى فلسطينية، يجب أن تخضع للسيادة وللإدارة الفلسطينية الكاملة، وحرصت مصر على رفض أى محاولات لإشراكها فى إدارة قطاع غزة، وشددت على أن إدارة القطاع أمر فلسطينى.
ومن هنا قدمت مصر خطة متكاملة لإعادة إعمار القطاع فى وجود السكان، بجانب إعلان الاستعداد لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى غزة، وهى الخطة التى دعمتها القمة العربية بإعلان رفض كل أشكال التهجير للشعب الفلسطينى من أرضه بشكل قاطع، واعتماد الخطة المقدمة من مصر، بالتنسيق الكامل مع فلسطين والدول العربية واستنادا إلى دراسات البنك الدولى والصندوق الإنمائى للأمم المتحدة، بشأن التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة. والعمل على تقديم كل أنواع الدعم المالى والمادى والسياسى لتنفيذها، وحث المجتمع الدولى ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، والتأكيد على أن كل هذه الجهود تسير بالتوازى مع تدشين الحل الدائم والعادل بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى.
بيان القمة العربية تضمن تأييد عقد مؤتمر دولى فى القاهرة فى أقرب وقت للتعافى وإعادة الإعمار فى غزة، محذرا من أن أى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى، أو محاولات ضم أى جزء من الأراضى الفلسطينية المحتلة، باعتبار هذا الأمر يهدد الاستقرار الإقليمى ويوسع رقعة الصراع.
الموقف العربى يشدد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلى فى الضفة الغربية بما فى ذلك الاستيطان والفصل العنصرى وهدم المنازل ومصادرة الأراضى ودعوة مجلس الأمن لنشر قوات دولية لحفظ السلام، تسهم فى تحقيق الأمن فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
القمة أيضا ثمنت القرار الفلسطينى بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، من كفاءات من أبناء غزة، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة، والدور الحيوى الذى لا بديل عنه لوكالة «الأونروا» للقيام بولايتها الممنوحة لها بموجب قرار الأمم المتحدة بإنشائها فى مناطق عملياتها الخمس وبالأخص فى الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
انعقاد القمة العربية يؤكد وجود موقف متماسك، فى أسس التعامل مع القضية، مع استعداد للمساعدة والمشاركة فى الإعمار، وهو ما قد يفرض بعض الخيارات الخاصة بالإدارة، فى غزة وربما يسهم فى إنجاحه الاستجابة لمساع مصرية مستمرة لمصالحة فلسطينية، تضمن إمكانيات إقامة حكومة وحدة وطنية وتنهى انقسامات لا تخدم القضية، وبناء عليه فإن الخطوات القادمة فى الداخل هى التى تمنع أى تدخلات أو حلول قد تفرضها الضرورة.
نقلا عن اليوم السابع